حكومة الدبيبة تكابد في تهدئة غضب الشارع الليبي

رئيس الحكومة المنتهية ولايتها والتي ترفض تسليم السلطة لحكومة منتخبة يقرّ بأن السلطة التي يقودها استخفت بمشكلة الكهرباء وأساءت تقدير الوضع، واعدا بحل الأزمة.
حراك شبابي يلغي احتجاجات في طرابلس لتفادي التورط مع المخربين
القادة المتنافسون في ليبيا يواجهون ضغوط الشارع المتزايدة

طرابلس - ركزت الحكومة في طرابلس خلال اجتماعها الأسبوعي الاثنين على تهدئة الشارع عبر مناقشة أزمة انقطاع التيار الكهربائي التي أدت إلى اندلاع احتجاجات في ليبيا بينما أقر رئيس الوزراء عبدالحميد الدبيبة بأن السلطة التنفيذية "استخفت" بالمشكلة.

وعقد الاجتماع قبل ساعات قليلة من مظاهرة كانت مقررة في طرابلس ألغيت لاحقا بعدما دعت إليها حركة شبابية للمطالبة بإجراء انتخابات وحل الحكومتين المتنافستين والبرلمان في طبرق (شرق) والمجلس الأعلى للدولة (غرب).

وقال منظمو التظاهرة التي تأجلت إلى أجل غير مسمى إنهم لا يريدون التورط مع "المخربين". وبالإضافة إلى المطالبة برحيل النخب السياسية، تندد هذه الحركة أيضا بتدهور الأوضاع المعيشية في ليبيا والتي تتجسد بالانقطاع المزمن للتيار الكهربائي الذي يستمر ساعات طويلة يوميا في ظل الحرارة الشديدة.

وليل الأحد الاثنين، نظمت مسيرات متفرقة في عدة أحياء بالعاصمة. وأحرق شبّان معظمهم ملثّمون إطارات وأغلقوا عدة طرق. كما نظمت مسيرات في مدن أخرى.

وفي ظل مأزق سياسي عميق، يواجه القادة المتنافسون في ليبيا ضغوط الشارع المتزايدة منذ ثلاثة أيام، ففي طبرق بأقصى شرق البلاد، اقتحم متظاهرون الجمعة مدخل البرلمان بمساعدة جرافة قبل إشعال النار فيه.

وهذه المؤسسة هي أحد رموز تقسيم ليبيا بين معسكرين أحدهما مقره في الشرق ويقوده المشير خليفة حفتر، وحكومة مقرها في طرابلس في الغرب بقيادة عبدالحميد الدبيبة.

ويدعم معسكر حفتر حكومة منافسة تشكلت في مارس/اذار الماضي بدعم من البرلمان فيما يواصل أنصاره إغلاق منشآت نفطية رئيسية منذ منتصف أبريل/نيسان كوسيلة ضغط لإرغام الحكومة المنتهية ولايتها في طرابلس على تسليم السلطة لحكومة فتحي باشاغا التي منحها البرلمان الثقة.

ويتسبب الحصار أيضا في انخفاض إنتاج الغاز الضروري لتزويد شبكة الكهرباء. وهي ليست المرة الأولى التي يُقحم فيها قطاع الطاقة الحيوي في هذه الأزمة، ففي مطلع عام 2020، في خضم حرب أهلية، فرض خليفة حفتر حصارا نفطيا رفعه بعد أشهر قليلة من فشل الهجوم الذي شنه على العاصمة.

لكن الحصار الجديد تسبب بخسائر تجاوزت 3.5 مليار دولار، وفقا لمؤسسة النفط الوطنية الليبية، على الرغم من أن البلاد تتمتع بأكبر احتياطيات في إفريقيا.

وقال الدبيبة رئيس حكومة طرابلس يوم الاثنين خلال اجتماع مجلس الوزراء "لا يمكن لأحد أن يجادل في حق الشعب في الخروج والاحتجاج للمطالبة بالانتخابات".

وأقر بأن الحكومة "استخفت بأزمة الكهرباء"، مضيفا "أدركنا أن المشكلة تتطلب وقتا أطول بكثير مما كنا نظن" قبل إعلانه الاستعداد لبدء تشغيل ثلاث محطات جديدة (اثنتان في الغرب وواحدة في الشرق) "هذا الشهر".

وتم التشغيل التجريبي لمحطة غرب طرابلس التي يصل إنتاجها الإجمالي إلى 670 ميغاوات وبدأت في أعمال إنشائها شركة 'إنكا' التركية بالشراكة مع 'سيمنس' للطاقة في مايو/أيار من العام الماضي.

وبحسب الشركة العامة للكهرباء، فقد تم تجريب الوحدة الأولى للمحطة بقدرة 185 ميغاوات مساء الاثنين على أن تدخل رسميا على الشبكة العامة خلال يومين.

وقال وزير التخطيط بالوكالة محمد زيداني في الاجتماع الحكومي "انفق 11 مليارا و 862 مليون دينار (حوالي 2.96 مليار دولار) على قطاع الكهرباء منذ 2013"، لكن لم تحل هذه الاستثمارات تقنين إمدادات الكهرباء ولا تدهور البنى التحتية للمنشآت المعنية بالتزويد بالطاقة.

ولم يعقب فتحي باشاغا رئيس الحكومة الجديدة رسميا على الاضطرابات الاجتماعية التي تستهدف الطبقة السياسية ككل.

وعلى الجبهة السياسية، فشلت جولة أخرى من المحادثات تحت مظلة الأمم المتحدة لمحاولة حل الخلافات بين المؤسسات الليبية المتنافسة نهاية الأسبوع الماضي.

ودعا الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش "جميع الأطراف إلى الامتناع عن أي عمل من شأنه الإضرار بالاستقرار". وحض جميع الأطراف على "العمل معا للتغلب على الجمود السياسي المستمر".

وبالإضافة إلى الانقطاعات المزمنة للتيار الكهربائي، يحتج الليبيون على التضخم واضطرارهم إلى الاصطفاف أمام محطات الوقود.

وتكافح ليبيا للتخلص من أحد عشر عاما من الفوضى منذ سقوط نظام معمر القذافي في عام 2011، في أعقاب الربيع العربي.

ويتفاقم الانقسام في ليبيا مع وجود حكومتين متنافستين، الأولى في طرابلس وجاءت وفق اتفاق سياسي قبل عام ونصف العام برئاسة الدبيبة الذي يرفض تسليم السلطة إلى حكومة منتخبة، والثانية برئاسة فتحي باشاغا عينها البرلمان في فبراير/شباط الماضي ومنحها الثقة في مارس/اذار وتتخذ من سرت في وسط البلاد مقرا موقتا لها بعد منعها من دخول طرابلس رغم محاولتها ذلك.

وفي 22 يونيو/حزيران الماضي، انتهت صلاحية خريطة الطريق التي جاءت بحكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبدالحميد دبيبة قبل عام ونصف.