دعم أكبر أحزاب المعارضة لسيادة المغرب على الصحراء يُربك بريتوريا

حزب 'رمح الأمة' الجنوب افريقي يؤيد الحل المغربي لإنهاء النزاع حول الصحراء ويقترح خارطة طريق لإعادة الدفء إلى العلاقات بين بلاده والمغرب.

بريتوريا - في تحول لافت، أعلن حزب "رمح الأمة" الذي يعد من أبرز أحزاب المعارضة في جنوب أفريقيا، دعمه لسيادة المغرب على صحرائه، فيما تتزامن هذه الخطوة مع تصاعد الدعوات في الأوساط السياسية لمراجعة الموقف الرسمي بشأن القضية المغربية، وسط مطالب بطي صفحة العداء مع الرباط وتدشين مرحلة جديدة في التعاون مع المملكة التي رسخت مكانتها كقوة اقتصادية وعسكرية تلعب دورا بارزا على أكثر من صعيد.  

وينتظر أن تنسج عدة أحزاب من المعارضة الجنوب أفريقية على منوال الحزب الذي يتزعمه الرئيس السابق جاكوب زوما، ما من شأنه أن يكثف الضغوط على بريتوريا بهدف دفعها إلى إخراج العلاقات مع المغرب من مربع التوترات بسبب السياسة الخارجية الخاطئة تجاه عدة ملفات يتصدرها ملف الصحراء.

ويشكل قرار حزب "رمح الأمة" ضربة قاصمة لبوليساريو باعتباره كان من أشد الداعمين للجبهة الانفصالية التي تغرق في عزلة تتفاقم يوما بعد يوم بعد أن خسرت أغلب داعميها.

وناصبت جنوب أفريقيا، التي لم تلتزم الحياد في قضية الصحراء، العداء للمغرب وسعت إلى الإضرار بمصالح المملكة، لكن الدبلوماسية المغربية أحبطت كافة مخططاتها.

وشكلت بريتوريا النشاز في افريقيا بدعمها لبوليساريو وتأييدها للطرح الانفصالي الذي تلاشى أمام تتالي الاعترافات بسيادة المغرب على صحرائه، واتساع قائمة الدول التي تدفع باتجاه تنفيذ الحل المغربي باعتباره الأكثر وجاهة لحسم القضية.

ويرى بعض المحللين أن المشاكل الداخلية والفساد في جنوب أفريقيا دفعت بعض الأطراف إلى تصدير الأزمات من خلال معاداة المغرب ودعم أطروحة الانفصال، لتحويل الانتباه عن القضايا الداخلية.

وعلى الرغم من العداء، كانت هناك محاولات للتقارب بين البلدين، من بينها اللقاء الذي جمع العاهل المغربي الملك محمد السادس والرئيس جاكوب زوما في أبيدجان عام 2017، والذي أدى إلى استئناف العلاقات الدبلوماسية وتعيين سفيرين، في إطار البراغماتية السياسية التي تركز على المصالح المشتركة رغم الخلافات.

وأصدر حزب "رمح الأمة" الذي يقود المعارضة في البرلمان الجنوب افريقي وثيقة تضمنت رؤيته لمستقبل العلاقات مع المغرب بعنوان "شراكة استراتيجية من أجل الوحدة الإفريقية والتحرر الاقتصادي والسلامة الترابية"، أعلن فيها تأييده لمقترح الحكم الذاتي تحت سيادة المملكة كحل وحيد لإنهاء النزاع المفتعل حول الصحراء، وفق موقع "الصحيفة" المغربي.

وقال إنه "من منطلق التزامه بمبادئ تقرير المصير والسيادة وسلامة الأراضي، يعرب عن دعمه لموقف المغرب في قضية الصحراء الغربية، استنادًا إلى الشرعية التاريخية".

وتابع أن "الصحراء كانت جزءًا من المملكة قبل الاستعمار الإسباني في أواخر القرن التاسع عشر، والروابط القبلية مع العرش المغربي تؤكد هذا الانتماء، وعند انسحاب إسبانيا عام 1975، سعى المغرب لاستعادة أرضه في إطار سياسته الثابتة للحفاظ على سلامته الترابية".

وأوضح أن "الرباط تقترح حلاً مبنيًا على منح سكان الصحراء حكمًا ذاتيًا واسعًا ضمن سيادتها"، لافتا إلى أن "هذه المبادرة تُوازِن بين الاستقرار والتنمية وتقدم مخرجًا واقعيًا للنزاع".

واقترح خارطة طريق لتمتين العلاقات بين المغرب وجنوب افريقيا، داعيا إلى "إنشاء مجال للحوار الثنائي للدفاع عن المواقف المشتركة في الأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي، والتنمية الاقتصادية عبر دعم المشاريع المشتركة في البنية التحتية والصناعة والطاقة والزراعة والسياحة والتحول الرقمي وتوقيع اتفاقية تجارة حرة".

ويأتي هذا الموقف بعد انتخابات جنوب أفريقيا الأخيرة التي شهدت تراجعا تاريخيا لحزب المؤتمر الوطني الأفريقي أفقده هيمنته على الحكم، فيما أصبح حزب "رمح الأمة" أكبر قوة سياسية في البرلمان وأقوى حزب معارض.

ويرى مراقبون أن هذا التغير في ميزان القوى قد يدفع نحو إعادة تقييم للسياسات الخارجية لجنوب أفريقيا، بما في ذلك الموقف من قضية الصحراء والعلاقات مع الجبهة الانفصالية.

ويرجح أن يكون لهذا التطور تأثير على دول أخرى في أفريقيا لا تزال تدعم الجبهة الانفصالية وتتبنى مواقف مماثلة لموقف جنوب أفريقيا، كما من شأنه أن يساهم في تعزيز الانتصارات الدبلوماسية التي حققها المغرب في قضيته.