طريقة مقتل السنوار تحوّله إلى بطل في نظر بعض الغزيين
غزة - شكّل مقتل يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي لحركة حماس مصدر فخر للعديد من سكان غزة والضفة الغربية باعتباره قتل في ساحة المعركة ولم يكن مختبئا، بينما يرى بعض الغزيين الذين يحملونه مسؤولية إشعال فتيل الحرب أن مقتله لن يغير شيئا على الميدان في ظل غياب أي مؤشرات على نهاية الكابوس.
"هكذا يموت الأبطال".. بهذه العبارة الموجزة وصف رجل يبلغ من العمر 60 عاما في قطاع غزة اللحظات الأخيرة في حياة يحيى السنوار زعيم حماس وهو يحاول صد طائرة مُسيرة باستخدام عصا في يده. وبالنسبة لآخرين غيره، أصبح السنوار مثالا يحتذى لأجيال قادمة رغم حزن البعض على التكلفة الباهظة للحرب التي اندلعت اثر الهجوم على إسرائيل المدبّر من طرفه.
وقُتل السنوار يوم الأربعاء في اشتباك مسلح مع القوات الإسرائيلية بعد مطاردة استمرت عاما، وأُعلنت وفاته الخميس.
وكان السنوار العقل المدبر للهجوم الذي شنته حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية (حماس) على إسرائيل في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 والذي اشتعلت بعده الحرب في قطاع غزة.
وعلى الجانب الآخر، قالت وسائل الإعلام الإسرائيلية إنه مات "مثل كلب في غزة"، وقالت دول غربية إن وفاته ربما تكون أزالت عقبة رئيسية أمام التوصل إلى وقف لإطلاق النار.
لكن لقطات فيديو ظهر فيها ملثما ومصابا بجرح قاتل في شقة دمرها القصف وهو يحاول إلقاء عصا على طائرة مسيرة كانت تصوره صارت مصدرا للشعور بالفخر والعزة بين الفلسطينيين.
وقال عادل رجب وهو والد لاثنين في غزة ويبلغ من العمر 60 عاما "السنوار مات لابس فيست (صديري) عسكري ويقاتل بالقنابل والبندقية، ولما أصيب وكان بيموت قاتل بالعصا، هكذا يموت البطل".
وقال علي وهو سائق سيارة أجرة يبلغ من العمر 30 عاما في غزة "أنا شفت الفيديو 30 مرة من امبارح، ما في أفضل من هيك طريقة للموت"، مضيفا "راح أخلي الفيديو واجب يومي أنه أولادي يشوفوه وإن شاء الله أحفادي كمان في المستقبل".
وعلى الإنترنت، تداول الفلسطينيون كلمات السنوار في خطاباته السابقة، والتي قال فيها إنه يفضل الموت على أيدي إسرائيل بدلا من الوفاة بنوبة قلبية أو حادث سير.
وقال السنوار في تلك الخطابات "أكبر هدية ممكن يهديها العدو والاحتلال لي أنه يغتالني وهو أنه أن أمضي إلى الله سبحانه وتعالى شهيدا على يده ".
وبعدما تحققت رغبته في الموت بالطريقة التي كان يريدها، يتساءل بعض الفلسطينيين في الوقت الحالي عما إذا كانت إسرائيل نادمة على نشر المقطع للرجل في لحظة تحقيق أمنيته، خشية أن تتحول اللقطات إلى أداة محتملة لجذب أعضاء جدد لجماعة أقسمت على تدميرها.
وقالت رشا (42 عاما)، وهي نازحة وأم لأربعة أطفال، "قالوا إنه متخبي في نفق وإنه محوط حاله بالأسرى الإسرائيليين مشان يحافظ على حياته، امبارح شفنا كيف إنه كان بيصطاد الجنود الإسرائيليين في رفح. المكان إللي الاحتلال بيشتغل فيه من مايو"، مضيفة "هيك بيموت القادة، مع بندقية باليد، أنا كنت أؤيد السنوار كقائد وأنا اليوم فخورة فيه كشهيد".
وأظهر استطلاع في سبتمبر/أيلول أن غالبية سكان قطاع غزة يرون أن الهجوم كان قرارا خاطئا وأن عددا متزايدا من الفلسطينيين تساءلوا حول مدى استعداد السنوار لشن حرب تسببت لهم في الكثير من المعاناة.
وقال رجب، الذي أثنى على الطريقة التي رحل بها السنوار واعتبرها بطولية، إنه لم يدعم هجمات السابع من أكتوبر/تشرين الأول لأنه رأى أن الفلسطينيين غير مستعدين لحرب شاملة مع إسرائيل. ولكنه قال إن "طريقة موته جعلتني فخورا كفلسطيني".
ويتساءل الناس في غزة وفي الضفة الغربية، التي تحظى فيها حماس أيضا بدعم كبير، عما إذا كان موت السنوار سيعجل بنهاية الحرب. وتزايدت المواجهات بين قوات الاحتلال الإسرائيلي والفلسطينيين في الضفة على مدى العام المنصرم.
وفي الخليلقال علاء الهشلمون إن قتل السنوار لن يأتي بزعيم أقل عنادا، مضيفا "اللي أنا بلاحظه إنه بيروح واحد بييجي واحد أعند منه. السنوار كان رجل عنيد.. للخير طبعا.. وبنتمنى يجي زيه وأصلح إن شاء الله تعالى. ما بيروح واحد إلا وبيجي واحد أصلح منه".
وفي رام الله، قال مراد عمر (54 عاما) إن الوضع لن يتغير كثيرا على الأرض، وأضاف "الحرب مستمرة ولا يبدو أن لها نهاية في الأفق".