
عقوبات غربية تنتظر موسكو لاحتجازها سفنا حربية أوكرانية
كييف/بكين - تجمع كل المؤشرات على أن الدول الغربية الداعمة لأوكرانيا تستعد لفرض حومة عقوبات جديدة على روسيا على خلفية احتجاز الأخيرة ثلاث سفن حربية أوكرانية بطواقمها في البحر الأسود قبالة القرم، في حين دافعت موسكو عن موقفها مؤكدة أن تصرفها "يتطابق تماما" مع أحكام القانون الدولي. واستخدام القوة لإجبارها على التوقف.
وبالفعل طالبت أوكرانيا الاثنين المجتمع الدولي بفرض عقوبات جديدة على روسيا، مطالبة موسكو بالافراج فورا عن سفنها وطواقمها.
وقالت موسكو إنها فتحت قضية جنائية "في ما يتعلق بانتهاك حدود روسيا" إلا أنها لم تقدم تفاصيل حول مصير السفن أو البحّارة الموقوفين.
وأثارت هذه الحادثة غير المسبوقة توترا وردود فعل غربية منددة، فيما يعقد مجلس الأمن الدولي الإثنين اجتماعا طارئا طلبته كل من روسيا وأوكرانيا.
وأعلن حلف شمال الأطلسي من جهته عقد اجتماع استثنائي مع أوكرانيا الاثنين في بروكسل على مستوى السفراء، فيما حث سفراء أوروبا في مجلس الأمن الدولي الاثنين موسكو على "إعادة حرية الملاحة" في مضيق كيرتش حيث تحتجز السفن العسكرية الأوكرانية الثلاث منذ الأحد.
وعبّر سفراء فرنسا وبريطانيا والسويد وبولندا وهولندا الذين يقومون بجولة في الصين في بيان مشترك عن "مخاوفهم من تصاعد التوتر الأخير في بحر آزوف ومضيق كيرتش"، وحثوا روسيا على إطلاق سراح البحّارة الأوكرانيين المعتقلين وإعادة السفن المحتجزة.
وشهدت التوترات بين كييف وموسكو تصعيدا مفاجئا الأحد عندما احتجزت روسيا ثلاث سفن عسكرية أوكرانية وهي سفينتان حربيتان مصفحتان وسفينة جرّ بالإضافة إلى حوالي عشرين بحارا كانوا على متنها، وذلك بعد إطلاق النار عليها.
وأعلنت وزارة الخارجية الأوكرانية في بيان نُشر ليل الأحد الاثنين أن كييف تطلب من موسكو تحرير بحارتها و"إعادة السفن العسكرية المحتجزة".
وأضافت "تدعو أوكرانيا حلفاءها وشركاءها إلى اتخاذ التدابير اللازمة لكبح المعتدي، لاسيما عبر فرض عقوبات جديدة" على روسيا.
وأثارت هذه الحادثة غير المسبوقة التي أوقعت جرحى في صفوف البحارة الأوكرانيين - ست إصابات اثنتان منهما حرجتان بحسب كييف فيما أفادت موسكو عن وقوع ثلاث إصابات فقط، المخاوف من تصعيد عسكري بين الدولتين اللتين تشهد علاقاتهما أزمة عميقة منذ العام 2014.
وسيعقد البرلمان الأوكراني لاحقا اجتماعا استثنائيا وقد يعلن القانون العرفي لستين يوما في البلاد بطلب من الرئيس بيترو بوروشينكو.
ووقعت الحادثة فيما كانت السفن تحاول الدخول إلى البحر الأسود في مضيق كيرتش الذي يفصل القرم عن روسيا ويعتبر مدخلا إلى بحر آزوف.
وبحسب كييف، صدمت السفن الروسية أولا سفينة الجرّ الأوكرانية وعرقلت الدخول إلى بحر آزوف الواقع بين شبه جزيرة القرم التي ضمّتها روسيا في العام 2014 والشرق الأوكراني الذي يشهد نزاعا بين كييف والانفصاليين الموالين لروسيا.
وأكدت موسكو عملية الاحتجاز و"استخدام أسلحة" متهمةً السفن الأوكرانية بانتهاك المياه الإقليمية الروسية.
وأعلن المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف الاثنين أن "الجانب الروسي تصرّف بشكل يتطابق تماما مع القوانين، القانون الدولي والقانون الداخلي في آن معا"، مشيرا إلى أن الأمر يتعلق بـانتهاك سفن حربية أجنبية المياه الإقليمية لروسيا الاتحادية".
وقال بيسكوف إن موسكو فتحت قضية جنائية "في ما يتعلق بانتهاك حدود روسيا" إلا أنه لم يقدم تفاصيل عن مصير البحّارة الموقوفين.
وأشار إلى أنّه تم إبلاغ الرئيس الروسي فلاديمير بوتين حين دخلت السفن الأوكرانية "المياه المحايدة قبالة القرم"، موضحا أنّ تصرفات روسيا لم تكن "اعتداء لكن إجراءات ضرورية لمنع عبور الحدود الروسية".
واتهم وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف من جهته أوكرانيا بانتهاك القانون الدولي عبر "أساليب خطيرة شكلت تهديدات ومخاطر على حركة عبور السفن الطبيعية في هذا الممر البحري" معتبرا الأمر "استفزازا صريحا".

وفي كييف، تجمّع عشرات الأوكرانيين أمام السفارة الروسية ليل الأحد الاثنين، ورشقوها بقنابل دخانية ووضعوا سفنا من ورق أمام السفارة. وأفادت وسائل إعلام محلية عن إحراق سيارة تابعة لدبلوماسي روسي في كييف.
ودعا الاتحاد الأوروبي وحلف الأطلسي البلدين إلى "ضبط النفس وخفض التصعيد".
وأدان عدد من حلفاء كييف لاسيما كندا وليتوانيا "الاعتداء" الروسي ضد أوكرانيا، فيما دعت الصين موسكو وكييف إلى "تسوية خلافاتهما عبر حوار ومشاورات".
وتشكل هذه الحادثة حلقة جديدة من الأزمة الروسية الأوكرانية التي بدأت مع الانتفاضة الموالية لأوروبا في ساحة ميدان في كييف وأدت إلى هروب الرئيس فيكتور يانوكوفيتش إلى روسيا وإقالته في فبراير/شباط 2014.
وبعد شهر، ضمّت روسيا شبه جزيرة القرم الأوكرانية الناطق بمعظمها باللغة الروسية. وفي ابريل/نيسان من العام نفسه، اندلع نزاع مسلح بين الجيش الأوكراني والانفصاليين الموالين لروسيا في شرق أوكرانيا أوقع منذ ذلك الحين أكثر من عشرة آلاف قتيل.
وتتهم كييف والدول الغربية روسيا بدعم الانفصاليين عسكريا، الأمر الذي تنفيه موسكو بشكل قاطع. وفرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية كبيرة على موسكو لضمّها القرم ودورها المفترض في الحرب في شرق أوكرانيا.
وتصاعدت التوترات بشكل خاص في مضيق كيرتش الذي تؤكد روسيا أحقيتها فيه منذ ضمّها القرم وحيث بنت جسرا يربط بين شبه الجزيرة والأراضي الروسية.
وتتهم كييف والدول الغربية أيضا روسيا بتعمد "إعاقة" إبحار السفن التجارية بين البحر الأسود وبحر آزوف عبر مضيق كيرتش.
وعززت أوكرانيا وروسيا حضورهما العسكري في هذه المنطقة الحساسة عبر نشر سفن عسكرية في الأشهر الأخيرة.
وأكّدت فرنسا الاثنين أنّها لا ترى "مبررا ظاهرا في استخدام روسيا القوة" داعية موسكو إلى "إطلاق سراح البحارة الأوكرانيين الموقوفين وإعادة السفن المحتجزة".
واعتبرت ألمانيا الاثنين أن إعاقة روسيا الملاحة في بحر آزوف "غير مقبولة".
ودعا الأمين العام لمجلس أوروبا ثوربورن ياغلاند من جهته إلى "تجنّب أي تصعيد في المنطقة".
وبحسب مركز التحاليل "اورازيا غروب" ومقره في الولايات المتحدةً، قد تؤدي هذه الحادثة الجديدة إلى فرض عقوبات جديدة أوروبية وأميركية ضد موسكو.
وقال المركز في بيان "الحكومات الغربية ستدعم أوكرانيا ضد روسيا، الأمر الذي يرجح فرض عقوبات جديدة".