غروندبرغ يستكشف في صنعاء فرص تجديد هدنة الشهرين
صنعاء - وصل المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ الاثنين إلى العاصمة صنعاء في زيارة تأتي بعد فترة قصيرة من مغارة وفد الوساطة العمانية للعاصمة اليمنية التي يسيطر عليها المتمردون منذ العام 2014، بينما يسعى لاستكشاف فرص تجديد هدنة الشهرين.
وتأتي الزيارة كذلك على وقع إعلان الحوثيين أن المفاوضات مع وفد الوساطة العماني كانت إيجابية، فيما يبدو أن الوسيط الأممي يبني جهود إحياء هدنة الشهرين استنادا لهذا الإعلان.
وكان غروندبرغ قد أجّل في وقت سابق زيارته إلى صنعاء إلى حين اكتمال التوافق على عدد من النقاط الخلافية ومن ثم العودة لبحث اتفاق لتمديد الهدنة.
من المقرر أن يعقد غروندبرغ مباحثات مع قيادة الحوثيين حول تجديد الهدنة في اليمن، وسبل صنع تسوية سياسية شاملة للنزاع.
وتحدثت مصادر سياسية يمنية مطلعة عن توصل الوسيط العماني إلى تحقيق اختراق مهم في مسار المفاوضات الرامية إلى تجديد الهدنة الأممية في اليمن والبدء في مشاورات سياسية بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
وتوّجت المباحثات بين الحوثيين والوفد العماني بتفاهمات أولية حول تنفيذ بنود وقف إطلاق النار والترتيبات الإنسانية المتعلقة به والتي تتضمن صرف رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرة الحوثيين وفتح ميناء الحديدة ومطار صنعاء وتبادل الأسرى.
وأشارت المصادر إلى وجود نقاط خلاف رئيسية متصلة بالملف العسكري والضمانات سيتم طرحها للنقاش.
وحذر مراقبون من إمكانية تعثر التفاهمات الأخيرة على غرار ما حدث في مشاورات الكويت ومحطات سابقة من بينها مساعي الأمم المتحدة لتمديد الهدنة الأممية، خاصة في ظل ارتباط القرار الحوثي بطهران وسعي الأخيرة إلى وأد أي اتفاق محتمل بين الحكومة اليمنية والحوثيين.
وكان رئيس فريق المفاوضات المتحدث باسم الحوثيين محمد عبدالسلام قد قال في تصريحات لقناة "المسيرة" الفضائية التابعة للجماعة الأحد "استمرارا للجهود التي يبذلها الأشقاء في سلطنة عمان غادر الوفد الوطني إلى مسقط بعد إجراء نقاشات جادة وإيجابية بين الجانبين في صنعاء".
ولفت إلى أن "النقاشات مع الوفد العماني جرت حول الترتيبات الإنسانية التي تحقق للشعب اليمني الاستقرار وتمهد للسلام الشامل والعادل وإنهاء العدوان والحصار".
وتشير المعلومات إلى أن الوسيط العماني نجح في الحصول على موافقة حوثية على وقف العمليات التي تنفذها الجماعة على الموانئ النفطية اليمنية، بما يتيح للحكومة الشرعية استئناف تصدير النفط.
ولا يحجب التفاؤل حيال هذا الاختراق منغصات عديدة تتعلق بتعدد القيادات داخل الجماعة وارتهان قرارها النهائي للموقف الإيراني الذي ليس من مصلحته التوصل إلى اتفاق لا يخدم مصالحه الإستراتيجية.
وينتظر أن يوافق الحوثيون على تنفيذ الشق الإنساني من اتفاق تمديد الهدنة الذي يعزز مكاسبهم الاقتصادية ويلزم الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا بدفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثيين، وهو ما سيسهم في تخفيف حدة الضغط الشعبي الذي تتعرض له الجماعة نتيجة توقف الرواتب.
ويؤكد مراقبون أن العامل الاقتصادي سيلعب دورا حاسما في أي اتفاق نظرا إلى متطلبات الحكومة الشرعية والحوثيين على حد السواء.
ومع نهاية الهدنة الأخيرة في أكتوبر/تشرين الأول الماضي فرضت جماعة الحوثي على الحكومة طوقا اقتصاديا باستهداف موانئ تصدير النفط في حضرموت وشبوة ما أدى إلى حرمانها من عوائد مالية هامة.
كما كثف الحوثيون من هجماتهم بالتزامن مع مفاوضات حول بنود الملف الاقتصادي مثل الرواتب وفتح موانئ الحديدة وتدفق سفن الوقود ليرفعوا سقف شروطهم بمطالبتهم بتسليمهم جميع رواتب موظفي الدولة في مناطق سيطرتهم، قبل أن يطالبوا بتقاسم إيرادات النفط باعتماد قاعدة صرف رواتب الموظفين وفق ميزانية النفط والغاز لعام 2014.
ويرى مراقبون أنه طالما نجحت إستراتيجية الحوثيين في وقف صادرات النفط فهم لن يتنازلوا عن شروطهم التعجيزية، بل سيضغطون على الحكومة في ملفات حيوية أخرى مثل البنك المركزي والسياسة النقدية والعملة بشكليها القديم والجديد والجبايات الجمركية وغيرها من الرسوم السيادية.
كما يرغب الحوثيون في عودة البنك المركزي إلى صنعاء وتوريد جميع عائدات الدولة من كل المحافظات إليه قبل الاتفاق على أي آلية لتسليم الرواتب وهذا بمثابة شرط تعجيزي ترفضه الحكومة الشرعية والمجتمع الدولي.
ويشهد اليمن منذ ثماني سنوات حربا بين القوات الموالية للحكومة الشرعية مدعومة بتحالف عسكري عربي تقوده الجارة السعودية والحوثيين المدعومين من إيران والمسيطرين على محافظات من بينها صنعاء (شمال).
وأدت الحرب التي خلفت 377 ألف قتيل إلى خسارة اقتصاد البلاد 126 مليار دولار في واحدة من أسوأ الأزمات الإنسانية والاقتصادية في العالم، حيث يعتمد أغلب السكان البالغ عددهم 30 مليونا على المساعدات.