'فاتن أمل حربي' يضع أسس قانون أسرة جديد في مصر

تفاعلا مع المسلسل الرمضاني، الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي يوجه الحكومة والبرلمان والأزهر وكل مؤسسات المجتمع للتكاتف لإعداد قانون أحوال شخصية متّزن يحمي حقوق المرأة اثناء الطلاق.

القاهرة – تتجه مصر نحو اقرار قانون أسرة جديدة تفاعلا مع اشكالات ومعظلات اخلاقية تتمحور حول وضع المرأة الهش في دوامة الطلاق، بعد ان وضعها مسلسل "فاتن أمل حربي" للنجمة نيللي كريم تحت الضوء.

وبعد ان رافق المسلسل جدل مجتمعي حول قضايا مثل الطلاق والنفقة وسكن الزوجية والولاية التعليمية على الأبناء وحق الرؤية تدخل الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي مطلع الأسبوع واعدا بمراجعة قانون الاسرة الحالي.

وشهد المسلسل متابعة واسعة وتصدر الترند المصري لتسليطه الضوء على وقوانين الأحوال الشخصية التي تمنع الأم من الاحتفاظ بحضانة أبنائها بعد زواجها من رجل آخر، في تفاعل وصل صداه الى السلطات الرسمية.

تدور أحداث العمل الدرامي حول الموظفة البسيطة "فاتن"، وهي امرأة مصرية متزوجة ولديها طفلتين، تعاني من اضطهاد زوجها "سيف" ووالدته بالإضافة إلى تعنيفه لها. الأمر الذي يدفعها إلى طلب الانفصال منه إلا أنه لا يوافق بسهولة. وبعد أن يحصل الطلاق تبقى المشاكل متواصلة بينها وبين طليقها.

ووسط كل المشاكل التي تواجهها فاتن، تتفاجأ بقانون الأحوال الشخصية الذي قد يحرمها من ابنتيها إذا تزوجت من رجل آخر. وبعد معاناة طويلة مع طليقها، تقرر التصدي للمطالبة بتغيير هذا القانون المجحف بحقها لتتمكن من الاحتفاظ بحضانة ابنتيها.

وقال عبدالفتاح #السيسي: "نحتاج مناقشة #قضايا الأسرة بأمانة وحيادية دون مزايدة"، ودعا الحكومة والبرلمان والأزهر وكل مؤسسات المجتمع للتكاتف لإعداد قانون أحوال شخصية متّزن، مؤكدا ان كل من له صلة بالملف "في رقبته أولادنا وبناتنا".

وأشار، خلال مداخلة هاتفية مع الإعلامية عزة مصطفى ببرنامج "صالة التحرير" عبر قناة "صدى البلد" إلى أنه أبدى اهتمامه بملف الأحوال الشخصية منذ أن كان أخوه مسؤولاً عن نيابات الأحوال الشخصية، واندهش من عدم الاهتمام بهذا الأمر.
وأعلن الرئيس المصري عقد اجتماع مع قضاة، من الحاليين والخارجين على المعاش، ليصدر القانون خلال فترة قصيرة، موجها حديثه إلى رئيس محكمة استئناف القاهرة "أحمّلك المسؤولية أمام الجميع لإعداد أجندة بقضاة لإعداد التشريع".

وأضاف: "نريد عقد زواج يحلّ مسألة الطلاق، وسنحاسَب أمام الله، قضاة، دولة، رئيس حكومة، برلمان، أزهر، وكل المعنيين بشكل أو بآخر".

وعبّر عن مخاوفه من أنه حينما تصبح الكتلة الغالبة هي حالات الطلاق، ويتم العزوف عن فكرة الزواج، مؤكداً أن فكرة العقد ليست مخالفة للشرع.

وكان السيسي حث سابقا على محاصرة نزيف الطلاق بتعديلات قانونية أو تدخلات دينية، لكن المؤسسات الرسمية لم تتحرك بما يكفي، إذ كان يعوّل على الأزهر في تغيير موقفه من وقوع الطلاق الشفهي، حيث يرى السيسي أن من بين الحلول ألا يتم الاعتراف بالطلاق طالما لم يتم توثيقه.

وتوجه الرئيس المصري الى القضاة في إعداد قانون اسرة جديد يعكس على الأرجح خيبته من تراخي المؤسسات الرسمية في حل الأزمات الأسرية، وأبرزها الأزهر والبرلمان والحكومة، حيث تخشى كل جهة أن تبادر بخطوة تُحسب عليها أو تدفعها إلى الصدام مع الشارع.

وتتعامل الحكومة والبرلمان مع قانون الأحوال الشخصية باعتباره قنبلة موقوتة، لأنه يمس حياة أطراف وشرائح عديدة، وينظم العلاقات العائلية مثل الخطبة والزواج والطلاق، واحتكار المؤسسة الدينية مهمة الفصل في هذه المسائل كان ولا يزال عائقا أمام الوصول إلى قانون عصري يفرمل هيمنة رجال الفتوى على عقول الناس.

وهذا ليس العمل الدرامي الأول الذي يتطرق إلى هذه القضية، فسبقه العديد من المسلسلات والأفلام، لكن واحدا فقط كان له تأثيرا ملموسا ومباشرا وأسفر عن تغيير في القانون.

وقالت الفنانة نيللي كريم معلقة على "من 50 سنة تقريبا قدمت فاتن حمامة فيلم أريد حلا وساهم العمل في تعديل القانون (قانون الخلع)، وأنا بقدم فاتن أمل حربي وأتمني المسلسل يقدر يساهم في أي تعديل لمصلحة المرأة وخصوصا بعد الطلاق" .

و"أريد حلا" يعتبر أول فيلم حاول الكشف عن الثغرات التي يحتويها قانون الأحوال الشخصية في مصر وساهم في تغييره، حيث ألقى الضوء على قضية اجتماعية بالغة الخطورة وهي الطلاق، وناقش حق المرأة في طلب الطلاق.

وأثار الفيلم جدلاً واسعا بعد عرضه، وتعرض لحملة دعائية من الإخوان المسلمين وصور منهم على انه هجمة على الشريعة الاسلامية.

وبعد عرض الفيلم اعلن الرئيس أنور السادات عن رغبته فى إصدار قرار بتغيير قانون الأحوال الشخصية، وهو ما حصل لاحقا، واصبح يسمح للزوجة بالحصول على الطلاق بعد تنازلها عن جميع حقوقها المادية.

كما ساهم فيلم "الشقة من حق الزوجة" الذي قام ببطولته الفنان الراحل محمود عبدالعزيز، والراحلة معالي زايد عام 1985، في إضافة بند جديد لعقد الزواج يحدّد من له الحق في الإقامة بمنزل الزوجية بعد الطلاق، الرجل أم المرأة، حيث أثار الفيلم آنذاك جدلا واسعا حول نقطة مهمة مرتبطة بأحقية الإقامة في منزل الزوجية.