'فتح الأندلس' يستفز المغاربة بسردية تاريخية مختلفة

رغم نجاح المسلسل عربيا، مشاهدوه في المغرب يعتبرونه مزيفا للوقائع التاريخية ولاصول شخصية بطل الفتح القائد طارق بن زياد وسط مطالبات ودعوى قضائية لوقف بثه.

الرباط – رغم نجاح مسلسل "فتح الأندلس" الكويتي السوري في استقطاب المشاهدين في المنطقة العربية، الا انه لاقى استياء وانتقادات لاذعة وسخرية في المغرب والجزائر وصل الى حد المطالبة بوقف بثه.

ويقول منتقدو العمل الذي اخرجه وأنتجخ الكويتي محمد سامي العنزي إن المسلسل مليء "بالمغالطات التاريخية" حول فتح المدينة الاسبانية، ويتهمونه بـ"تغيير الوقائع" وتزييف أصول وشخصية بطل الفتح القائد طارق بن زياد.

وشملت الانتقادات الجانب الفني بسبب عدم تدقيق صناع العمل تفاصيل المرحلة التاريخية من لباس وأكل وعمران.

وانتقد طيف واسع من المغاربة العمل عبر مواقع التواصل.

وبرزت وسوم من بينها: #مقاطعة_مسلسل_فتح_الأندلس ، #العرايشي_إرحل ، و #نلتمس_من_ملكنا_حماية_تراثنا ، وحتى وسم "#فتح_الأناناس" للسخرية من العمل.

وتهكم مغردون على وضع فاكهة الأناناس في مشهد في المسلسل، على الرغم من أن هذه الفاكهة لم تكتشف إلا بعد اكتشاف أميركا في القرن الخامس عشر.

وطلب البعض عبر وسم #العرايشي_إرحل باستقالة فيصل العرايشي المدير العام للشركة المغربية للإذاعة والتلفزة.

ومنهم من أشار إلى أموال دافعي الضرائب التي دفعها التلفزيون المغربي لاقتناء، ما وصفوه، بالعمل الذي "لا يولي أهمية للتراث المغربي".

ووصل الجدل إلى البرلمان المغربي والمحاكم، حيث وجه نائب برلماني سؤالا كتابيا بشأنه لوزير الشباب والثقافة والتواصل.

وجه النائب مهدي الفاطمي، عن حزب الاتحاد الاشتراكي، سؤالاً مكتوباً إلى وزير الثقافة والشباب المغربي، تساءل فيه عن "الإجراءات التي ستتخذها الوزارة بغاية صون وتخليد تاريخ المغرب بعيداً عن جميع المغالطات والسرقة وتزوير الحقائق التاريخية".

وتابع الفاطمي في رسالته، التي يرى العديد أنها تعبر عن الغضب المغربي، قائلاً "إن الفتح تم عبر شمال المغرب وبجيوش شمالي إفريقيا، ولغة القائد طارق بن زياد وثقافته مغربية أمازيغية هو وجنوده، ولكن المسلسل يحجب كل هذا تقريباً ويجعل المغرب الكبير مجرد طريق جغرافية لجيوش المشرق الأموية، والمغاربة مجرد كومبارس تحت قيادة شخصيات شامية بينما التاريخ المدون عندنا كله عكس ذلك".

من جهة اخرى رفع محامي دعوى قضائية للمطالبة بوقف بثه على القناة الأولى بدعوى ان عرضه يمثل "زعزعة للعقائد الوجدانية المترسخة لدى المغاربة،" وبأن العمل "يتضمن محتوى لا ينسجم مع ثوابت التاريخ المغربي".

والاربعاء قررت المحكمة الابتدائية في الرباط تأجيل النظر في الدعوى الاستعجالية إلى 20 أبريل/نيسان الجاري، وذلك بطلب من الممثل القانوني للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة المغربية من أجل "مهلة الجواب".

وقال المؤرخ المغربي الدكتور عبد الخالق كُلاب في تغريدة على تويتر "بصفتي مؤرخا مغربيا أؤكد أن مسلسل "فتح الأندلس" تحريف مقصود ومتعمد لتاريخ الأمة المغربية".

وغرد الفنان والمخرج الأمازيغي خالد بويشو "يجب وقف بث هذه المهزلة التي لا تشرف الفن الدرامي عموما ولا تمت بصلة للوقائع التاريخية، حيث تم مسخ طارق وهدم مقدمات فتح الأندلس وطمس الحقائق عن عمد، علاوة على الهزال الكبير والفظيع على المستويين الفني والتقني".

وقال المخرج المغربي عبد الإله الجوهري في تدوينة إن "على الجهات المغربية المسؤولة أن تنتبه لأهمية تاريخنا وخطورة توظيفه من طرف الآخرين، وأن تعمل على توفير ميزانيات قادرة على إعادة كتابة وتصوير هذا التاريخ بما يحفظه من المسخ والتطاول، وقبل ذلك إسناد المهمة لكتاب سيناريو ومخرجين مثقفين وعارفين وليس لبعض من يتحكم في الآلة والتقنية فقط".

ورد المخرج الكويتي، محمد العنزيعلى بعض الانتقادات التي وجهت له خلال تدخل تلفزي في برنامج تبثه "بي بي سي".

وفيما يتعلق بأصول طارق بن زياد، قال إنه "كصاحب رؤية فنية وليس توثيقا تاريخيا، ارتأينا أنا وفريقي أن نخرج من إطار وضع طارق بن زياد في إقليم ومكان معين وقررنا التقليل من أهمية أصوله".

ولدى سؤاله عن السبب وراء عدم استعانته بأي من الكتاب المغاربة، قال: "إن الجميع في الوطن العربي وعلى مدار عشرات السنين يعلم أن أفضل الكتاب في المنطقة هم الكتاب السوريون والمصريون في الدراما التاريخية، ولذلك عملنا معهم لتقديم عمل درامي جيد بغض النظر عن جنسياتهم".

وختم العنزي حديثه بالتأكيد على الفرق بين العمل الدرامي والعمل الوثائقي، فقال: "العمل الدرامي غالباً ما يعتمد على الوقائع التاريخية، لكن لا يوجد في العالم كله عمل درامي يكون مئة بالمئة وثائقي لأن الدراما تقوم على عوامل مختلفة عن التوثيق".