لماذا يبحث ساسة تونس عن فشل تاسع؟

الحكومة التونسية الثامنة قاب قوسين أو أدنى من السقوط والرحيل. ويتحدث ساسة الوطن، من أحزاب الحكم والمعارضة، عن تمهيدات وتصورات لتشكيل الحكومة التاسعة!

الحكومة التاسعة ستكون فشلا مضافا لما سبق. لم يفهم ساسة تونس بعدُ بان الفشل المزمن الذي تعاني منه الدولة لا يعالج بإسقاط حكومة وإنشاء أخرى، فتلك سطحية وبدائية. يكمن العلاج في وجود برامج واضحة، متفق عليها من كل الإطراف، على شرط أن تمنح هذه الأطراف الحكومة حيزا من الوقت للتنفيذ والتقييم لاحقا، دون عرقلتها.

ثمان حكومات في اقل من ثمان سنوات. كمعدل، لا يفوق عمر الحكومة الواحدة السنة الواحدة. وهو عمر لا يُمكن معه تقييم أو لوم أو حكم بالفشل، عمر لا يمكّن من الانجاز ولو توفرت كل وسائل النجاح.

كل حكومة جاءت بالاتفاق من داخل أو خارج مجموعة قرطاج كانت تحمل معها كل أسباب فشلها. فرئيس الحكومة كبائع متجول، يختارون له وزراء، دون أن يتحكم فيهم، يظل في المناسبات يتحدث عن انجازاتهم، في محاولة لنسبها إليه، وفي حقيقة الأمر، فهو مجرد سكرتير برتبة وزير.

وكل وزير من وزراء الحكومة له مرجعيته، وله أهدافه الخاصة وأهداف حزبه. لا تلتقي البرامج، إن وجدت، فينخرط كل وزير، منذ توليه وزارته مباشرة في مهمة التسيير اليومي، بعيدا عن الاستراتيجيات والمخططات، ويظل يدور في حلقة مفرغة، في انتظار أن تستبدل حكومته بأخرى.

أطراف بعينها تتحمل وزر عدم الاستقرار السياسي في تونس، واهم هذه الأطراف اتحاد الشغل. اتحاد الشغل هو القوة الكبرى والنافذة في تونس، وهو الوحيد الذي يزكي الحكومة أو يسقطها، قولا وفعلا. أول من دعا إلى تغيير وزاري، في مقدمة لإسقاط الحكومة، هو الأمين العام لاتحاد الشغل السيد نورالدين الطبوبي.

ليس لدعوة السيد الطبوبي إلى إجراء تحوير وزاري من هدف واضح سوى إجراء الانتخابات البلدية تحت ظل حكومة ليس لحركة النهضة فيها من قدم وساق. السيد الطبوبي أعلن أول أمس بان حكومة السيد الشاهد هي حكومة تصريف أعمال، وهو ما سيحدث بالفعل. وموقف السيد الطبوبي موقف سياسي بامتياز، كان يجب أن لا يتدخل فيه. فاتحاد الشغل كان يجب أن يكون لكل التونسيين بمختلف مشاربهم الحزبية والعقدية وحتى العشائرية.

تكمن خطورة اتحاد الشغل في كونه أداة سياسية. أداة مستعدة لكسر عظام التونسيين وشل إنتاجهم وضرب اقتصادهم من اجل أن يتم إقصاء الإسلاميين، حركة النهضة، من الحكم الجزئي أو حتى المشاركة فيه.

تكمن الخطيئة الكبرى في أن قوى كبرى، أولها اتحاد الشغل، عدلت برامجها وأهدافها في سبيل إقصاء الإسلاميين، فلم يستقر الحكم في تونس وانهار اقتصاد البلاد. الإسلاميون في تونس لا يحتاجون كل هذا الاهتمام، فقد فقدوا بريقهم الذي جاؤوا به منذ 2011.

والحكومة التاسعة القادمة، كانت بحزب النهضة أو بدونها، ليست سوى استمرار للفشل ولغباء "العبقرية التونسية".