مقتل طاقم مروحية للجيش السوري أسقطتها الفصائل في إدلب

الرئيس التركي رجب طيب إردوغان يهدد النظام السوري بدفع الثمن "غالياً جداً" في حال شن هجوماً جديداً ضد القوات التركية في شمال غرب سوريا، متوعدا باتخاذ تدابير إضافية الأربعاء.

أنقرة - أسقطت الفصائل السورية المدعومة من تركيا اليوم الثلاثاء طائرة هليكوبتر تابعة للجيش السوري في محافظة إدلب بشمال غرب البلاد في تصعيد تركي خطير، وذلك بعد ساعات فقط من تحذيرات الكرملين من أن أي استهداف ينفذه الإرهابيون ضد القوات السورية أو الروسية في المحافظة سيقابل برد فوري.

وقال عبدالله الشامي، وهو قيادي في تحالف فصائل مسلحة، الثلاثاء إن الطائرة أُسقطت جنوبي مدينة إدلب حيث يتقدم مقاتلون للمعارضة تدعمهم المدفعية التركية صوب مدينة النيرب لصد هجوم تدعمه روسيا.

وتداول نشطاء على مواقع التواص الاجتماعي فيديو يوثق لحظات سقوط المروحية التابعة للجيش السوري في النيرب، فيما أكد المرصد السوري لحقوق الإنسان أن قائدها ومساعده قتلا في الحادث.

وأفاد المرصد السوري أنه "رصد مقتل طاقم الطائرة المروحية التي جرى إسقاطها على محور النيرب – قميناس بريف إدلب الشرقي، حيث جرى العثور على جثتي طاقم الطائرة المروحية متفحمة بعد مقتلهم على خلفية عملية الإسقاط".

وتتواصل الاشتباكات في إدلب وهي آخر معاقل الفصائل المدعومة من أنقرة، بعد مقتل خمسة جنود أتراك في هجوم لقوات الحكومة السورية التي أحرزت تقدما كبيرا في الأيام الماضية مما دفع القوات التركية في المنطقة إلى الرد.

وبعد إسقاط الطائرة هدد الرئيس التركي رجب طيب إردوغان النظام السوري بدفع الثمن "غالياً جداً" في حال شن هجوماً جديداً ضد القوات التركية في شمال غرب سوريا.

وأعلن إردوغان في خطاب من أنقرة "نال النظام عقابه، لكن ذلك لا يكفي، ستكون هناك تتمة. كلما هاجموا جنودنا، سيدفعون الثمن غالياً، غالياً جداً"، مضيفاً انه سيعلن عن تدابير إضافية ضد النظام السوري الأربعاء.

وقال مصدر دبلوماسي تركي اليوم الثلاثاء إن الفريق الروسي الذي زار أنقرة لبحث هجوم إدلب، غادر تركيا دون اتفاق فيما يبدو على سبل وقف اشتباكات أودت بحياة 13 جنديا تركيا خلال أسبوع.

ووصلت الوفد الروسي إلى أنقرة يوم السبت بعد أيام من هجوم شنته القوات السورية في إدلب وأسفر عن مقتل ثمانية جنود أتراك. وقصفت تركيا أهدافا سورية فيما بعد في أحد أخطر الاشتباكات بين الجانبين منذ اندلاع الحرب الدائرة في البلاد منذ قرابة تسع سنوات.

وبينما كان المسؤولون الأتراك والروس يواصلون محادثاتهم أمس الاثنين، وقع هجوم ثان على القوات التركية في منطقة تفتناز في إدلب مما أسفر عن مقتل خمسة جنود أتراك آخرين بعد أن أرسلت أنقرة تعزيزات من آلاف الجنود والمدرعات للتصدي للهجوم السوري.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو إن المسؤولين الروس أجروا محادثات في وزارة الخارجية التركية يوم السبت واتفقوا على الاجتماع مع الأتراك مرة أخرى أمس الاثنين بعد الإخفاق في التوصل لاتفاق. وأجرى الروس محادثات أيضا مع مستشار أردوغان، لكن دون التوصل إلى اتفاق بين الجانبين.

وقالت الرئاسة التركية في بيان عقب الاجتماع إن أنقرة أبلغت الوفد الروسي الزائر بضرورة وقف الهجمات على المواقع التركية بشمال غرب سوريا فورا وبأن مثل هذه الهجمات لن تمر دون رد.

لكن على أرض الواقع، لم تستطع أنقرة أن تتصدى لتقدم قوات النظام التي تحظى بدعم روسي تبين أنه لن يتراجع حتى تسترجع دمشق سيطرتها على ما تبقى من مدن استراتيجية أهمها إدلب التي كانت آخر معاقل الفصائل المدعومة من تركيا.

ودفع التقدم السريع للقوات الحكومية السورية في إدلب قرابة 700 ألف شخص إلى النزوح عن بيوتهم والاتجاه صوب الحدود التركية المغلقة. وتقول تركيا التي تستضيف بالفعل 3.6 مليون لاجئ سوري إنه لا يمكنها استيعاب المزيد.

الج
أنقرة تبقي جنودها في الخلفية لحمياتهم

وتساند أنقرة مقاتلي المعارضة الساعين للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد في حين تدعم موسكو وطهران الأسد.

وسبق وأن اعلنت تركيا أنها مستعدة لشن عمل عسكري لوقف تقدم القوات السورية، لكن تهديدات أردوغان بقيت مجرد تصريحات إعلامية هوجاء في ظل التقدم الميداني لقوات الأسد، التي أعلنت اليوم الثلاثاء سيطرتها بالكامل على طريق دمشق حلب الدولي بعد 10 سنوات من سقوطه في أيدي المعارضة المسلحة.

وترأس أردوغان اجتماعا أمنيا مع قادة الدفاع أمس الاثنين لبحث الخطوات التي قد تتخذها تركيا أمام الهجمات على قواتها. وقالت الرئاسة إن أنقرة أعادت تأكيد عزمها على وقف الاشتباكات وأي موجات جديدة من المهاجرين في إدلب.

ومع عودة الوفد الروسي إلى موسكو دون اتفاق مع الأتراك، واصلت أنقرة الثلاثاء إرسال تعزيزات عسكرية نحو الأراضي السورية، في خطوة استعراضية توحي بأن روسيا قد حسمت الأمر عسكريا ولا مفر من ذلك، ما أجبر أردوغان على مواصلة استعراض المدرعات والجنود الأتراك الذي توجهوا لتعزيز قوات تتمركز في 12  نقطة مراقبة عسكرية كانت تركيا قد أبرمت سابقا اتفاقا حولها مع روسيا وإيران. 

ويخشى الرئيس التركي خسارة أنقرة لسيطرتها على نقاط المراقبة في إدلب في ظل الرسالة الروسية الحاسمة، حيث تحاصر قوات الحكومة السورية حاليا عددا من تلك النقاط.

وحذر مراقبون ونشطاء الاثنين تركيا من مغبة التصعيد في إدلب حيث ستكون تلك الخطوة بمثابة "الانتحار" أمام الدعم الروسي لقوات النظام. لكن التحدي التركي لدمشق لا يبدو كذلك في الكواليس فهي تعمل جاهدة لتجنب المواجهة مع موسكو خاصة وأنها تفتقد لأي دعم غربي لتلك العملية العسكرية أو غيرها.

ويبدو أن تركيا التي لا تريد مواجهة مباشرة مع موسكو تفقدها السيطرة تماما على مناطق المراقبة قرب الحدود، قد اختارت الانتقام لجنودها بغطاء المعارضة المسلحة التي أعطتها الضوء الأخضر لخوض حربها بالوكالة.

لكن أردوغان الذي أرسل إلى ليبيا مئات المقاتلين السوريين الموالين لأنقرة منذ فترة، سيكون قادرا على مواجهة الثلاثي السوري والروسي والميليشيات الإيرانية حاليا على خوض حرب بالوكالة على أكثر من جبهة في ظل تقدم كبير لقوات الأسد، كما يمثل المقاتلون المتشددون الذين تستخدمهم تركيا خطرا كبيرا على أمنها القومي.