نزار هنيدي يستعرض 'ظواهر وتجارب في الشعر العربي الحديث'

الكتاب يخصص فصلا كاملا لعرض أفكار نزار قباني، محللا أنواع القصيدة القصيرة وخصائصها في تراثه الشعري الثري.

دمشق - صدر حديثا عن الهيئة العامة السورية للكتاب "ظواهر وتجارب في الشعر العربي الحديث" للشاعر والطبيب نزار بريك هنيدي، وفيه يستعرض عددا من التجارب المميزة، والظواهر السورية والعربية البارزة في الشعر العربي الحديث، والتي أصبحت علامات فارقة في المشهد الثقافي السوري والعربي.

وبدأ الكتاب بالحديث عن تجربة غنية لطبيب وشاعر انتهت حياته نهاية مأساوية غامضة. ورغم دوره الريادي في تأسيس حركة الحداثة الشعرية العربية إلا أن أعماله وإنجازاته الإبداعية لم تحظَ بالدراسة والاهتمام الكافي، وهو الشاعر والطبيب علي الناصر إلى جانب شريكه الشاعر أورخان ميسر الذي حاول تأسيس تجربة سريالية رائدة في الأدب العربي.

ويقود الحديث عن هذين الشاعرين المجدّدين وما قدماه من تجارب مبكرة في حركة الحداثة الشعرية، بالضرورة إلى التطرق لشاعر آخر اعترفت نازك الملائكة أنه سبقها وسبق بدر شاكر السياب في كتابة الشعر الحر وهو الشاعر السوري بديع حقي، ومع ذلك فإن القراء والنقاد اليوم لا يذكرون إسهاماته الشعرية المهمة، بل يتذكرونه كقاص وروائي متميز.

وعلى الرغم من شيوع ظاهرة القصيدة القصيرة والكتابة عنها تنظيرا ونقدا، إلا أن هنيدي لاحظ أن كثيرين ممن كتبوا عنها تجاهلوا إسهامات شاعر كبير مثل نزار قباني الذي كان من أوائل من نظّروا لهذا الشكل الشعري وأغناه بإبداعاته، حيث خصص الكاتب فصلاً كاملاً لعرض أفكاره النظرية، محللاً أنواع القصيدة القصيرة وخصائصها في تراث قباني الشعري الثري.

وأفرد هنيدي كذلك مقالة خاصة للشاعر السوري شوقي بغدادي الذي شكل ظاهرة فريدة في المشهد الثقافي العربي، ليس فقط بسبب إنجازه الإبداعي، بل أيضا بفضل شخصيته المتميزة والأدوار الثقافية التي قام بها.

وتوقف الكاتب السوري عند الظاهرة الاستثنائية التي مثّلها الشاعر بدوي الجبل الذي تجسدت فيه عبقرية الشعر الكلاسيكي الجامح بأفكاره وصوره ومواقفه، مع تطلعه الدائم نحو آفاق حداثية مدهشة، بالإضافة إلى إبرازه لسمة مهمة عند شعراء ذلك الجيل، وهي تواضعهم واحتضانهم للمواهب الجديدة، وقدرتهم على بناء جسور التواصل مع الشباب والفرح بإبداعاتهم.

وقدم هنيدي أيضا دراسة عن قصيدة التجربة الشخصية عند الشاعر فايز خضور الذي يعد من أبرز الشعراء السوريين الذين اهتموا ببناء النص فنيا، حيث تمكن من تحويل تجاربه الشخصية بكل ألمها وصراحتها إلى نصوص شعرية حية.

كما تطرق الكاتب إلى تجربة الشاعر الراحل زاهد المالح الذي لم ينل حظّه من الاهتمام رغم محاولته خلق "لغة مرئية" تختلف في بنائها ودورها عن الصورة الشعرية التقليدية.

وانتهى هنيدي إلى دراسة البناء الفني في قصيدة "مقامات عراقية" للشاعر العراقي حميد سعيد، أحد أبرز شعراء الموجة الثانية في حركة الحداثة الشعرية العربية بالعراق، والذي نظر إلى البناء الفني كركن أساسي في الإبداع الشعري.

ووفق الكتاب، فإن من أكثر المشتغلين في التنظير لقصيدة النثر والمبدعين لها هو الشاعر والناقد المصري المعروف عبدالعزيز الموافي، لنستطلع عوامل الشعرية في قصيدة النثر، متخذين من قصيدته وقت شبيه بالغياب أنموذجا.

ونزار بريك هنيدي شاعر وناقد سوري، وطبيب اختصاصي بالجراحة العامة، من مواليد جرمانا / ريف دمشق عام 1958. صدرت له مجموعته الشعرية الأولى بعنوان "البوابة والريح ونافذة حبيبتي" عام 1977 في نهاية المرحلة الثانوية، وبعدها توالت مجموعاته في الصدور، وبلغت حتى الآن ثماني مجموعات شعرية، بالإضافة إلى كتبه في النقد الأدبي النظري والتطبيقي. نشر عددا كبيرا من المقالات والأبحاث النقدية والدراسات الأدبية في الصحف والمجلات العربية.

وشارك في عدد كبير من الأمسيات والمهرجانات والندوات والمؤتمرات الأدبية والفكرية، داخل سوريا وخارجها، ونال عددا من شهادات التقدير العربية والعالمية، كما شارك في تحكيم عدد كبير من الجوائز الأدبية. واحتفى النقاد والكتاب بنتاجه الشعري منذ مجموعته الأولى فتناولوه في مقالاتهم وكتبهم.