وصول المبعوث الأميركي إلى سوريا يفتح صفحة جديدة للعلاقات بين البلدين
دمشق – وصل المبعوث الأميركي الخاص الى سوريا توماس باراك الى دمشق الخميس، ورفع علم بلاده فوق مقر إقامة السفير بدمشق لأول مرة منذ إغلاق السفارة في 2012 بعد عام من اندلاع الصراع. في خطوة أعقبت فتح البلدين صفحة جديدة من العلاقات إثر رفع العقوبات الاقتصادية.
وأوردت وكالة سانا الخميس أن وزير الخارجية والمغتربين أسعد الشيباني وباراك "افتتحا دار سكن" السفير الأميركي في دمشق. على بعد مئات الأمتار من السفارة الاميركية في منطقة أبو رمانة، وسط اجراءات أمنية مشددة.
وجاء ذلك بعد ساعات من إعلان الرئيس الأميركي دونالد ترامب رسميا تعيين باراك الذي يشغل منصب السفير الأميركي لدى أنقرة، موفدا الى سوريا.
وقال ترامب وفق منشور لوزارة الخارجية، على منصة أكس "يدرك توم أن ثمة إمكانات كبيرة للعمل مع سوريا على وقف التطرف، وتحسين العلاقات، وتحقيق السلام في الشرق الأوسط". وأضاف "معا سنجعل الولايات المتحدة والعالم آمنين من جديد".
وسبق أن أكد المبعوث الأميركي أن بلاده تقف مع تركيا ودول الخليج وأوروبا، إلى جانب الشعب السوري "ليس بالجنود أو الخطابات أو الحدود الوهمية، بل جنباً إلى جنب مع الشعب السوري نفسه" وفق منشور سابق على "إكس".
وتابع "مع سقوط نظام الأسد، فتحنا باب السلام، وبرفع العقوبات، نسمح للشعب السوري بفتح هذا الباب واكتشاف طريق نحو الرخاء والأمن المتجددين".
وفي وقت لاحق، أفادت الرئاسة السورية، على حسابها بمنصة إكس، أن الرئيس أحمد الشرع، استقبل باراك، في قصر الشعب بدمشق. فيما بينت الخارجية السورية، في منشور آخر أن وزيرها أسعد الشيباني، ووزير الدفاع مرهف أبو قصرة، ورئيس جهاز الاستخبارات العامة حسين سلامة، حضروا مع الرئيس الشرع لدى استقباله باراك.
وتتطلع الإدارة السورية الجديدة إلى دعم دولي وإقليمي لمساعدتها في معالجة تداعيات 24 سنة من حكم الرئيس المخلوع بشار الأسد (2000-2024).
وأفادت قناة "الإخبارية" السورية بأن الافتتاح جرى في منطقة أبو رمانة بالقرب من السفارة بحضور ممثلين عن وزارة الخارجية والسفارة الأميركية، وعدد من الدبلوماسيين والإعلاميين. وأشارت إلى أن الخطوة تعد مؤشرا عمليا على تطور العلاقات السورية – الأميركية في أعقاب المرحلة الجديدة التي تشهدها البلاد.
وبعد أشهر من التواصل المحدود نسبيا مع الإدارة السورية الجديدة، عززت الولايات المتحدة علاقاتها بدمشق سريعا في الأسابيع القليلة الماضية. والتقى الرئيس الأميركي دونالد ترامب بالرئيس السوري الجديد أحمد الشرع في الرياض منتصف مايو/أيار، وخففت إدارته العقوبات الأميركية على سوريا.
وجرى تعيين باراك في منصب مبعوث بلاده إلى دمشق في 23 مايو/أيار. وهو أيضا سفير الولايات المتحدة لدى تركيا. ويجري حاليا أول زيارة رسمية له في سوريا.
ودعا باراك الخميس إلى حوار بين سوريا واسرائيل، البلدين اللذين يعدان في حالة حرب، على أن يبدأ ذلك بـ"اتفاق عدم اعتداء بين الطرفين".
وفي تصريح بثته قناة العربية السعودية، أعرب باراك من دمشق عن اعتقاده بأن "مشكلة اسرائيل وسوريا قابلة للحل وتبدأ بالحوار"، مقترحا البدء بـ"اتفاق عدم اعتداء" بين الطرفين.
وسبق للشرع والشيباني أن التقيا باراك في نهاية الاسبوع في مدينة اسطنبول على هامش زيارة رسمية الى تركيا. وقال بيان عن الرئاسة السورية الأحد إن الاجتماع جاء "في إطار جهود الحكومة السورية الجديدة لإعادة بناء العلاقات الاستراتيجية" مع واشنطن.
وإثر اندلاع النزاع عام 2011، تدهورت العلاقات الدبلوماسية بين البلدين، خصوصا بعد فرض واشنطن عقوبات على مسؤولين سوريين بينهم الأسد.
ومطلع تموز/يوليو 2011، تحدى فورد، السفير الأميركي حينها، السلطات بزيارته مدينة حماة (وسط) التي كان الجيش قد حاصرها إثر تظاهرة ضخمة. وأمطره المتظاهرون بالورود الحمراء، ما أثار غضب دمشق التي اتهمت واشنطن بالتدخل في التحرك ضد السلطات ومحاولة تصعيد التوتر.
وسرعان ما عدّت الخارجية السورية فورد من بين عدد من السفراء الأجانب "غير المرحب" بهم، قبل أن يغادر سوريا "لأسباب أمنية" مطلع أكتوبر/تشرين الأول 2011.
وأغلقت الولايات المتحدة سفارتها في دمشق في فبراير/شباط 2012، بعد عام تقريبا من تحول الاحتجاجات إلى صراع عنيف استمر نحو 14 عاما. وعمل المبعوثون الأميركيون اللاحقون لسوريا من الخارج دون زيارة دمشق.
ومنذ إطاحة الأسد في الثامن من ديسمبر/كانون الاول، تحسّنت العلاقات تدريجا بين البلدين.
وكان وفد دبلوماسي أميركي برئاسة مساعدة وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأوسط باربرا ليف زار دمشق، حيث التقى الشرع بعد أقل من اسبوعين على وصول قواته الى العاصمة السورية.
وقُتل مئات الآلاف خلال الحرب الأهلية السورية ونزح الملايين داخليا وخارجيا، وزادت الدول الغربية الضغط على الأسد بقطع العلاقات وفرض عقوبات مشددة، لكنه تمكن من البقاء في السلطة بمساعدة من إيران وروسيا.
وأطيح بالأسد في ديسمبر/كانون الأول 2024 في هجوم خاطف شنته جماعات معارضة مسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام، التي تزعمها الشرع وكانت تابعة لتنظيم القاعدة في وقت سابق. ويشكل أعضاء هيئة تحرير الشام حاليا العمود الفقري للدولة السورية الجديدة.