الحكومة العراقية تتحصن بالوعود لاحتواء غضب الشارع

كتل نيابية عراقية تقاطع جلسة البرلمان العراقي المتهم بتعطيل عملية استجواب رئيس الوزراء بخصوص قمع المتظاهرين، معلنة عدم الحضور في جلسات عدا التي تناقش مطالب الاحتجاجات.
العراقيون يرفضون انتخابات جديدة تستنسخ أوجه النظام الحالي
اتساع أزمة الحكومة العراقية على وقع تصدع داخل الطبقة السياسية
البرلمان العراقي يفشل في الاجتماع في ظل تمسك الشارع العراقي بمطلب رحيل الطبقة السياسية
وزير الصناعة والمعادن العراقي يخضع لاستجواب برلماني في قضايا فساد

بغداد - انتقلت الحكومة العراقية من قمع الاحتجاجات إلى الوعود بعد أن استنفدت تقريبا كل الحلول لاحتواء غضب الشارع العراقي الذي كثف ضغطه، مطالبا برحيل النظام السياسي برمته.

وكان عادل عبدالمهدي قد اقترح إصلاحات تشمل قانون الانتخاب، فيما كشفت مصادر إعلامية عراقية أن قوى سياسية بالعراق ستجتمع السبت لبحث مسائل مهمة أولها مصير رئيس الحكومة العراقية.

وأفادت وكالة الأنباء العراقية أن جلسة البرلمان المقررة السبت تأجلت إلى الاثنين، وسط اتهامات بالمماطلة.

واتهمت كتلة تحالف "سائرون" المدعومة من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، بالمماطلة في تحديد موعد لاستجواب عبدالمهدي بشأن مقتل واعتقال محتجين.

وقال النائب عن الكتلة صباح الساعدي في مؤتمر صحفي عقده في البرلمان رفقة أعضاء من كتلته وكتل أخرى إن "كتلة سائرون تقدمت بطلب لاستجواب رئيس مجلس الوزراء، لكن رئاسة مجلس النواب تماطل في تحديد موعد للاستجواب".
وأضاف أن كتلته (54 من أصل 329 مقعدا) ترغب في استجواب عبدالمهدي بشأن مقتل واعتقال المحتجين في البلاد، مشددا على أن "رئاسة المجلس تتحمل مسؤولية تأخير تحديد موعد لاستجواب رئيس مجلس الوزراء وهذا يزيد من استمرار قمع المتظاهرين".
من جانبه أعلن 'تحالف القوى العراقية' (أكبر تحالف للقوى السنية في البرلمان) مقاطعة جلسات البرلمان، عدا الجلسات التي تناقش القوانين المهمة؛ احتجاجا على عدم إدراج القوانين الإصلاحية الخاصة بمطالب المتظاهرين على جدول الأعمال.

وقالت عضو التحالف غيداء كمبش في مؤتمر صحفي عقدته في البرلمان رفقة أعضاء بالتحالف، إن "كتلة تحالف القوى تعلن تعليق حضورها جلسات البرلمان باستثناء الجلسات التي تشهد عرض القوانين المهمة التي تتضمن القوانين والقرارات الإصلاحية".
وانتقدت كمبش ما أسمته "اعتماد أسلوب الانتقائية في تقديم القوانين" بجلسات البرلمان، كما اتهمت الحكومة بعدم الإيفاء بتعهداتها في عودة النازحين خارج وداخل البلد إلى مناطقهم.
وتشغل الكتلة التي يترأسها رئيس البرلمان محمد الحلبوسي 40 من أصل 329 مقعدا.
ووسط أجواء متوترة سادت قاعة البرلمان فشل الحلبوسي في عقد الجلسة؛ ما دفع رئيس البرلمان إلى تأجيلها إلى الاثنين المقبل.
واحتج الكثير من النواب على جدول أعمال الجلسة التي خلت من مناقشة قوانين خاصة بمطالب المتظاهرين وعلى رأسها تشريع قانون جديد للانتخابات.

قمع المحتجين في العراق مستمر في ظل تمسك الحكومة بالبقاء
قمع المحتجين في العراق مستمر في ظل تمسك الحكومة بالبقاء

وأقرت الحكومة العراقية الشهر الماضي، باستخدام قواتها العنف المفرط ضد المتظاهرين وتعهدت بمحاسبة المتورطين، لكن مسؤولين عراقيين يتحدثون بين حين وآخر عن "طرف ثالث" يستهدف المتظاهرين وقوات الأمن على حد سواء، فيما تحدثت تقارير إعلامية عن تورط إيراني في قتل المحتجين السلميين وقمعهم.

وقتل متظاهر برصاص القوات الأمنية في بغداد السبت، وأصيب العشرات بجروح في مناطق عراقية مختلفة، في الاحتجاجات المتواصلة للمطالبة بـ"إسقاط النظام" وإجراء إصلاحات واسعة، بحسب ما أفادت مصادر طبية.

وأشارت المصادر "مقتل متظاهر برصاص مطاطي على جسر الأحرار"، وهو أحد ثلاثة جسور في العاصمة العراقية مقطوعة بسبب الاحتجاجات المتواصلة منذ الأول من أكتوبر/تشرين الأول.

وأوضحت المصادر أن 17 شخصا آخرين من المتظاهرين أصيبوا بجروح في العاصمة، بينما أصيب 45 شخصا هم 32 متظاهرا و13 عنصرا من قوات الأمن، في مواجهات في مدينة كربلاء ليل الجمعة السبت.

وقتل خلال احتجاجات العراق المناهضة للحكومة منذ بدايتها الشهر الماضي 339 شخصا على الأقل و15 ألف جريح، وفق أرقام لجنة حقوق الإنسان البرلمانية، ومفوضية حقوق الإنسان (رسمية تتبع البرلمان)، ومصادر طبية وحقوقية.
ويرفض عبدالمهدي الاستقالة ويشترط أن تتوافق القوى السياسية أولا على بديل له، محذرا من أن عدم وجود بديل "سلس وسريع" سيترك مصير العراق للمجهول.

من جانبها شددت الأمم المتحدة التي تؤدي في الآونة الأخيرة دورا أساسيا في البحث عن حل للأزمة، وعرضت خطة للخروج منها يبرز في بنودها الإصلاح الانتخابي في أعقاب استقبال المرجعية العليا آية الله علي السيستاني ممثلتها في العراق جينين هينيس بلاسخارت، على ضرورة تحسين مشروع القانون الجديد.

المرجعية منعت إطلاق النار لكنه مستمر والشهداء مستمرون لحد الآن

ويحظى العراق بنظام انتخابي شديد التعقيد، ويرى المحتجون أنه يمنح أفضلية للأحزاب ورؤساء اللوائح ويحول دون تحقيق تغيير جذري.

ورأى محتجون أن الاكتفاء بالتركيز على الانتخابات لن يغير شيئا.

وقال المتظاهر أحمد محمد اسماعيل (58 عاما) عند جسر الجمهورية "انتخابات جديدة لن تفيدنا ستعود الوجوه نفسها، والحكومة نفسها"، متابعا "المرجعية منعت إطلاق النار لكنه مستمر والشهداء مستمرون لحد الآن".

وسأل المتظاهر أبو علي (32 عاما) "لماذا بعد كل خطبة للمرجعية نرى الدماء تراق؟ لماذا هذا التسويف؟ شرعيتهم (الطبقة السياسية) سقطت، لذلك المطالب التي يعملون عليها لا تمثلنا".

من جهة أخرى يخضع وزير الصناعة والمعادن العراقي صالح الجبوري لاستجواب برلماني في شبهات تورطه في قضايا فساد تتعلق بإهدار المال العام واستغلال المنصب الوظيفي.