المتظاهرون العراقيون يستغيثون من أنصار الصدر في الجنوب

أنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر يطلقون الرصاص الحي لتفريق المتظاهرين في محافظات الجنوب ومسلحون يستهدفون قيادي في تنظيم "سرايا السلام".
مظاهرة طلابية مناهضة للصدر والعامري في الناصرية
علاوي يلوح بإنهاء تكليفه بعد أحداث النجف الدامية
سفارة الولايات الولايات المتحدة في بغداد تندد بالهجوم الوحشي ضد المتظاهرين

بغداد - شهدت محافظات الجنوب العراقي تصعيدا غير مسبوق بين المحتجين وأنصار الزعيم الشيعي مقتدى الصدر، حيث قتل قيادي بارز في تنظيم "سرايا السلام" التابع له من قبل مجهولين في البصرة، فيما تصاعدت الاشتباكات في كربلاء وأيضا في النجف خلال تشييع سبعة محتجين قتلوا الأربعاء على يد "القبعات الزرقاء".

ونقلت وسائل إعلام عراقية عن مصدر أمني قوله إن "مسلحين اغتالوا الشيخ حازم الحلفي، القيادي في "سرايا السلام" التابع لزعيم التيار الصدري، قرب جسر محمد القاسم غربي البصرة".

وأضاف أن الحلفي "كان يستقل سيارة نوع (بيك أب) ذات لوحة تسجيل حكومية تابعة لدائرة الري".

وأوضحت مصادر في الشرطة العراقية أن الهجوم وقع أثناء عودة الحلفي من مقر عمله في الشركة العامة للصناعات البتروكيمياوية في البصرة، مشيرا إلى أن مسلحين "أمطروه بوابل من الرصاص ما أدى إلى مقتله على الفور".

وأشار المصدر نفسه إلى أن المسلحين لاذوا بالفرار بعد تنفيذ العملية، فيما قامت القوات الأمنية بتطويق مكان الهجوم.

وفي كربلاء، أفاد شهود عيان أن أنصار الصدر أطلقوا الرصاص الحي اليوم الخميس لتفريق متظاهرين معتصمين وسط المدينة.
وقال الشهود إن عشرات من أنصار الصدر المعروفين بـ "القبعات الزرقاء" اقتحموا "ساحة التربية" وسط مدينة التربية وهاجموا المتظاهرين المعتصمين.
وأضافوا أن أنصار الصدر يحملون هراوات وأسلحة رشاشة، وأنهم أطلقوا الرصاص الحي في الهواء لتفريق المتظاهرين وسط مواجهات مع محتجين فر كثير منهم خوفا من القتل.
وتشهد محافظات جنوبية عراقية تصعيدا غير مسبوق بين المحتجين وأنصار الصدر أو أصحاب "القبعات الزرقاء" الذين شنوا حملة منسقة منذ الاثنين لتفريق تجمعات المحتجين في مدن وبلدات وسط وجنوبي البلاد بالقوة المفرطة، بناء على أوامر الصدر الذي حثهم على مساعدة قوات الأمن في إعادة فتح المدارس والجامعات وإنهاء "الفوضى" في البلاد.

واليوم الخميس، شيّع المتظاهرون المناهضون للحكومة في النجف سبعة من المحتجين الذين قتلوا الأربعاء خلال اشتباكات مع أنصار الصدر، مؤكدين تصميمهم على مواصلة حراكهم الاحتجاجي المستمر منذ تشرين الأول/أكتوبر.

وتبنى أصحاب "القبعات الزرقاء" اقتحام ساحة الاحتجاج في النجف وهي أحد أقدس الأماكن لدى الشيعة، لكن الشرطة كذلك متهمة بالتقصير بسبب عدم منع حدوث الصدامات.

ويؤكد المتظاهر محمد وهو طالب هندسة يتظاهر بشكل مستمر في ساحة التحرير في بغداد، "في النجف سقطت الأقنعة".

على مفترق الطرق الرمزي، مركز الاحتجاج، ما زال "الصدريون" يحتفظون بنقاط تفتيش أمنية في المنطقة المجاورة بعد أن أعلنوا حتى وقت قريب أنهم مسؤولون عن حماية المتظاهرين، بمواجهة الشرطة والجماعات المسلحة.

لكن بعد قتل المتظاهرين، يقول محمد إن ما يجري بين المتظاهرين والصدريين أشبه بحوار الصم. وأضاف "أخبرنا الصدريين هنا أنه من المفترض أن يؤمنوا المكان ورفاقنا لكنهم لا يستمعون إلينا".

وأضاف محمد "تعرض المتظاهرون إلى عمليات قتل بطلقات نارية وخطف واغتيالات، وتتعرض معسكرات المتظاهرين للهجوم في وضح النهار وتحت أعين قوات الأمن... الفصائل المسلحة تفعل ما تريد لإنهاء الاحتجاجات".

وتأتي هذه الهجمات بعد رفض المحتجين، تكليف وزير الاتصالات الأسبق محمد علاوي، السبت، بتشكيل الحكومة المقبلة، في حين أصبح يحظى بدعم الصدر.
وتصدعت صفوف حركة الاحتجاج في العراق منذ أن غير أعلن الصدر تغيير موقفه وأيد علاوي بعد أن كان أنصاره يشاركون في التظاهرات المناهضة للفساد والحكومة منذ بداية تشرين الأول/أكتوبر.

ورفض المتظاهرون المناهضون للسلطة هذا التكليف لأن علاوي كان وزيراً مرتين في مؤسسات النظام الذي يريدون إسقاطه ونظموا تظاهرات وخاضوا مواجهات أسفرت حلال أربعة أشهر عن مقتل قرابة 490 شخصاً وإصابة ثلاثين ألفاً بجروح غالبيتهم من المتظاهرين.

وبعد حادثة النجف الدامية ألمح علاوي الخميس بالتنحي في حال استمرار العنف ضد المتظاهرين.

وقال في كلمة أن "الممارسات هذه تضعنا في زاويةٍ حرجة، لا يُمكن حينها الاستمرار بالمهمة الموكلة إلينا مع استمرار ما يتعرض له الشباب".

وأضاف علاوي الذي تعهد بأن يكون فتح التحقيقات في الحادثة من أولويات الحكومة المقبلة "لم نأتِ لهذه المهمة الوطنية إلاّ من أجل بناء ما تهدّم، وليس من الأخلاقي القبول بتصدّر المشهد، وتسلّم المهمة، بينما يتعرّض أبناؤنا لما نعرفه من ممارسات تُدمي القلب والضمير".

ووعد علاوي في وقت سابق مجموعات من ممثلي المحتجين الذين التقاهم في الأيام الأخيرة باختيار وزير أو اثنين من المتظاهرين الذي يدينون الفساد والمحسوبية في العراق، البلد الذي يحل في المرتبة السادسة عشرة للدول الأكثر فسادًا في العالم حسب منظمة الشفافية الدولية.

لكن إلى أن تحصل حكومته على ثقة البرلمان، فإن علاوي غير مخول اتخاذ أي قرار، وحكومة عادل عبدالمهدي المستقيلة ما تزال المسؤولة عن تصريف الشؤون الحالية.

وأدانت سفارة الولايات المتحدة في بغداد بشدة الهجوم "الوحشي" في النجف، وقالت في بيان "من المؤسف أنه لا يزال يُسمح للجماعات المسلحة بانتهاك سيادة القانون بالعراق مع الإفلات من العقاب ضد المواطنين السلميين الذي يمارسون حقهم الديمقراطي في حرية التعبير".

ومنذ تغيير الصدر موقفه، انقسم المتظاهرون إلى معسكرين وتصاعد التوتر إلى حد الطعن كما حدث في الحلة الاثنين، وتطور التوتر إلى اشتباك مسلح مثلما جرى في النجف.

وفي الناصرية، اعتبر المتظاهر عدنان ظافر الذي يواصل احتجاجه منذ عدة أشهر، الهجوم الذي وقع مساء الأربعاء بمثابة استمرار منطقي لأربعة أشهر من حملات القمع والتخويف التي يقوم بها المهاجمون الذين تقول الدولة أنها لم تعرف هويتهم حتى الآن، لكن الأمم المتحدة وصفتهم بـ"ميليشيات" فيما يقول المتظارهون إنهم "أذناب إيران".

وفي الديوانية، خرجت تظاهرة طلابية مناهضة للصدر وهادي العامري أحد كبار قيادات الحشد الشعبي الموالي لإيران هتف المشاركون فيها "لا مقتدى ولا هادي، تبقى حرة بلادي".

ويخشى المحتجون في هذه المدينة أن يتكرر سيناريو النجف لكن هذا العنف لا يقوض تصميمهم على ما يبدو.