أيام الشارقة التراثية تستعرض حضور التراث العربي في كتابات الرحالة الغربيين

تحت شعار 'جذور' في منطقة التراث في قلب الشارقة، التظاهرة تشهد نقاش موسّع حول التراث الثقافي غير المادي في المجتمعات الحضرية وسط حضور محلي وعربي ودولي.

تتواصل حتى الـ 23 من شهر فبراير/شباط، عروض وفعاليات الدورة الـ 22 من أيام الشارقة التراثية، التي ينظمها معهد الشارقة للتراث تحت شعار "جذور" في منطقة التراث في قلب الشارقة، وسط حضور محلي وعربي ودولي.

الأيام التي شهد انطلاقتها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في منطقة التراث في قلب الشارقة، تتواصل بمشاركة كبيرة من دول مجلس التعاون الخليجي، بجانب المغرب، مصر، والأردن، وسوريا، والعراق، وفلسطين، وتونس، والجزائر، ولبنان، إضافة إلى العروض الأجنبية.

وقد عبَّر الدكتور عبد العزيز المسلم، رئيس معهد الشارقة للتراث عن سعادته برعاية الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى، حاكم الشارقة، لأيام الشارقة التراثية، وحرص على حضور انطلاقتها، وأشار إلى أن الأيام في دورتها الـ22 أتت للجمهور بحلة جديدة في اتساع الموقع، والبنية التحتية، والفعاليات المُكثفة على مدار الأيام وعروض الفنون الشعبية والحرف التقليدية.

مقاربات معاصرة

وضمن البرنامج المُصاحب لأيام الشارقة التراثية، نظَّم المقهى الثقافي جلسة ثقافية حملت عنوان "الدراسات التراثية.. مقاربات معاصرة"، شارك فيها الدكتور عيسى الحمادي، والدكتور سعيد يقطين، والدكتور أدي ولد آدبه، والدكتورة لطيفة لبصير، والدكتورة ليلى العبيدلي، وناتاشا يوسف معنا، وأدارها الدكتور صابر يحيى.

وناقش الدكتور عيسى الحمادي في ورقته، العناصر ذات الارتباط بمفهوم الدراسات التراثية، في المجالات العلمية، والتي تحظى باهتمام متزايد حالياً، بعد أن أخذ أبعاداً أخرى أكثر تنوعاً، تعنى بالتراث الثقافي المادي وغير المادي.

فيما ناقش الدكتور سعيد يقطين، في ورقته بالجلسة، رؤية جديدة للإطار والتضمين في الدراسات التراثية، وقال في هذا الإطار، إن التراث هو أهم مكون لأي أمة، ومتى تفاعلت معه الأمة بالشكل الصحيح؛ أصبحت أقرب إلى تطوير هذا التراث والحفاظ عليه، واستعرض "يقطين" المقاربات الحديثة في تراثنا العربي.

ودارت ورقة الدكتور أدي ولد آدبه، حول أهمية الرؤية المختلفة للتراث، وكيف أن الشاعر يرى الأشياء بعيون مختلفة عن الجمهور العادي، بالإضافة إلى تطويع التكنولوجيا الحديثة والتقنيات الجديدة في التراث العربي.

ومن جانبها دَعت الدكتورة ليلى العبيدي، في ورقتها التي جاءت بعنوان "التراث والعقلانية العربية"، إلى نفض الغبار عن التراث، والنظر إليه بروح معاصرة، مع تأكيد أهمية تنقية التاريخ.

أيام الشارقة التراثية
مشاركة كبيرة من دول مجلس التعاون الخليجي

ورأت ناتاشا يوسف معنا، أن التراث مرآة للمجتمعات، تجمع التاريخ، وهي ثروة للحاضر، وخلود لهذه الأمم في المستقبل، وقدمت من خلال ورقتها رؤية جديدة: "لتعددية الثقافية والتبادل الثقافي".

واختتمت الجلسة بحديث الدكتورة لطيفة لبصير، عن التراث المغربي، بعيون الفنان التشكيلي الإسباني خوسية تابير.

وعلى هامش الجلسة، وقع الدكتور معتز عثمان، كتابه "اللارين عملة البر والبحر"، بينما وقع الدكتور عدنان سلوم، كتاب "فنون العرائس في التراث العربي"، وأخيراً وقع الدكتور علي عفيفي، كتاب "نخيل الإمارات العربية المتحدة في كتابات الرحالة الغربيين".

الكتابات الغربية

المقهى الثقافي، المصاحب لأيام الشارقة التراثية؛ ناقش أيضاً، "التراث العربي في كتابات الرحالة الغربيين"، وذلك في جلسة جرت بحضور مجموعة من المؤرخين الإماراتيين والعرب، بوجود الدكتور سيف البدراوي، وعلي أحمد الكندي، والدكتور علي عفيفي، والدكتور مسعود إدريس ، وأدار الجلسة الدكتور مني بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر بمعهد الشارقة للتراث.

واستعرض الدكتور سيف البدراوي، رحلة بيرسي كوكس من أبوظبي إلى مسقط عام 1902، بوصفها نموذجاً لرؤية الكتاب الغربيين للتراث الثقافي العربي، في هذه المنطقة، موضحاً أسباب الرحلة ونتائجها، بعدما قطع كوكس أكثر من 400 ميل، تعرف خلالها على القرى والبوادي، في كلٍّ من الإمارات وعمان، وقدم معلومات قيمة من الناحية الجغرافية، والتاريخية، والحياة البرية، والوضع السياسي حينها.

بينما تطرق علي أحمد الكندي المرر، إلى بعض ما وثقه في الحياة الاجتماعية والثقافية، في تاريخ منطقة الظفرة بأبوظبي، مشيراً إلى أنه اتجه في الحصول على معلوماته حول المنطقة، إلى كتابات الرحالة الغربيين، بعدما وجد شحّاً في المحتوى العربي، المعتمد على النقل الشفهي بشكل كبير.

وتحدث الدكتور علي عفيفي، عن التراث الثقافي للعراق وشبه الجزيرة العربية، في كتابات الغربيين، مؤكّداً أهمية كتابات الرحالة العربية، مع مراجعة هذه الكتابات، حيث إنها تمثل وجهة نظر هؤلاء الكتاب، ومن الممكن أن يحملوا أيديولوجيات خاصة بهم.

وأشار الدكتور مسعود إدريس، في كلمته خلال الجلسة الثقافية؛ إلى أن العلماء والرحالة الغربيين، قسموا التاريخ عند دراستهم له، إلى 3 مراحل: من القرن الثامن حتى القرن الخامس عشر، ثم إلى القرن التاسع عشر، وأخيراً من القرن العشرين حتى الآن، لافتاً النظر إلى أن المؤرخين، ساهموا في توثيق وإحياء التاريخ العربي بشكل كبير.

صون تراث الشارقة

وفي ذات السياق، نظم مركز التراث العربي، التابع لمعهد الشارقة للتراث، مائدة مستديرة بعنوان: "التراث الثقافي غير المادي في المجتمعات الحضرية"، وشهدت المائدة التي استمرت على مدار يومين، تنظيم جلستين: الأولي بعنوان: "ملامح التراث الثقافي غير المادي في المجتمعات الحضرية"، وتحدث فيها الدكتور عبد العزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث، والدكتورة أسمهان بن بركة، الباحثة في المعهد الوطني للتراث وأستاذة بجامعة تونس، وأدارتها عائشة الحصان الشامسي، مدير مركز التراث العربي.

واستعرض الدكتور عبدالعزيز المسلّم في ورقته "التراث الثقافي غير المادي في الشارقة: تجربة صون مستدامة"، جهود الإمارات في حفظ التراث منذ السبعينيات، واهتمام إمارة الشارقة بالتراث، والذي بدأ في فترة الثمانينيات، ودور معهد الشارقة للتراث منذ تأسيسه، في المحافظة على التراث بكافة أشكاله وأنواعه، من خلال تنظيم البرامج والفعاليات التراثية، والإصدارات التي تصدر عن المعهد.

وأما الدكتورة أسمهان بن بركة، فقدمت ورقة بعنوان: "المرأة الحضرية والتراث الثقافي غير المادي"، تناولت فيها دور المرأة، بوصفها حاملةً للذاكرة الجماعية، ومساهمتها في توثيق وحفظ التراث والتحديات التي تواجهها.

وأكدت عائشة الحصان الشامسي، أن الهدف من من هذه الطاولة المستديرة، هو مناقشة تكيف التراث في البيئات الحضرية الحديثة، والتحديات التي تواجهه، وسبل تحويلها إلى فرص للحفاظ عليه.

أما الجلسة الثانية، فكانت بعنوان: "التحديات التي تواجه حماية التراث الثقافي غير المادي بالمدينة العربية"، وقدمها الأستاذ الدكتور هاني هياجنة، والدكتورة نهلة إمام، خبيرة التراث الثقافي، وأدارتها الدكتورة أسمهان بن بركة من تونس.

وقدمت الدكتورة نهلة إمام، ورقة عمل بعنوان: "تراث المدينة وتحديات الصون، القاهرة نموذجاً"، وتناول الدكتور هاني هياجنة، ورقة عمل بعنوان "صون التراث الثقافي غير المادي وتعزيزه ما بين مطرقة الصون وسندان التوسع الحضري والتنمية الاقتصادية: مدينة إربد في المملكة الأردنية الهاشمية".