حظر جماعة الإخوان في الأردن استحقاق وطني

ليست جماعة الإخوان حزبا سياسيا يمكن أن يساهم ببرنامجه في تطوير البنية السياسية للدولة، بل هي عصابة يهدف وجودها إلى هدم الدولة.

تأخرت الحكومة الأردنية في حظر جماعة الإخوان المسلمين ومنعها من القيام بأي نشاط سياسي إلا أنها أخيرا فعلت وهي مضطرة بعد أن أفتضح أمر المؤامرة التي خطط لها أعضاء في الجماعة لزعزعة أمن واستقرار المملكة.

كان الرهان الأردني منذ البدء خاطئا. فاحتواء الجماعة ضمن حياة سياسية سلمية وبطريقة إيجابية هو ما لا يمكن توقع نجاحه، ذلك لأن الجماعة أصلا وإن مارست الخداع من خلال ضبط إيقاع حركتها بما لا يثير الشبهات، لا تؤمن بالحياة السياسية التي يشاركها فيها الآخرون.

جماعة الإخوان التي اعتبرت ما سُمي بالربيع العربي ربيعها وفرصتها في الوصول إلى السلطة والاستيلاء على الدول لا ترى في الحراك الشعبي الرافض لسياسات معينة أو طريقة بعينها في الحكم إلا وسيلتها للضرب بما يخدم أهدافها من غير أن تكون ملزمة بأهداف ورؤى ذلك الحراك.

لذلك يمكن القول إن الإخوان لا يحملون في حقيقة ما يخططون له موقفا إيجابيا، لا من الحياة السياسية القائمة ولا من الشعب الذي يحاول وبطرق سلمية أن يقول رأيه بالسياسات السائدة. ما كان يفكر فيه الإخوان لا يتعدى خداع الآخرين ومن ثم الانقلاب عليهم.

ذلك هو أساس عقيدتهم. من حقهم طبعا أن يخبئوا ذلك الأساس إذا ما شعروا أن الظروف غير مواتية للإعلان عنه ولكنهم في الأردن ابتكروا حالة من طراز جديد، ساعدهم في ذلك أن المؤسسة الرسمية سعت إلى التعامل معهم باعتبارهم كيانا سياسيا وطنيا أو هو في طريقه إلى أن يكون وطنيا.

غير مرة اخترقت الجماعة خطوطا حمراء من غير أن تتخلى المؤسسة السياسية عن مسؤوليتها وتسلم الأمر كله إلى المؤسسة الأمنية وهو من اختصاصها. وكما يبدو فقد كانت هناك إرادة ملكية قد منعت الانزلاق إلى حالة التصادم التي كان الإخوان يخططون لها وهم على ثقة من أن شعبيتهم ستكون جسرا للاستيلاء على السلطة بغض النظر عن الظرف السياسي الذي يحكم الأردن دوليا وإقليميا.

كان كل شيء واضحا بالنسبة لمؤسسة الحكم في الأردن. لم يشعر أحد بالخوف إذا ما كان كل شيء يتم في العلن ليكون جزءا من التعبير الديمقراطي عن الرأي. أما أن يصل الأمر إلى العثور على منشأة لتصنيع الصواريخ ومصنعا للطائرات المسيرة فإن ذلك يعني إعلان حرب على الأردن.

هل كان الإخوان الأردنيون في عجلة من أمرهم بحيث أخطأوا في تقديراتهم وهو ما يعني أنهم سبقوا الزمن بأفعالهم؟ يشعر المرء أن مؤسسة الحكم في الأردن كانت تمارس الصبر من أجل أن يذهب الإخوان إلى أقصى ما يملكون من مخططات شيطانية تستهدف أمن واستقرار المنطقة إضافة إلى أنها تفضح وجههم غير المرئي.

كان هناك إذاُ سباق بين طرفين يرتاب أحدهما بالآخر ولدى كل واحد منهما أسراره في الدفاع عن خصوصيته والكشف عن خبايا تفكير الآخر. ولكن الجماعة الإخوانية أخطأت حين استهانت بقدرات المؤسسة الحكومية حين قدمت منطق الحرب على التعايش السلمي الذي كان سببا لبقائها في الحاضنة السياسية الوطنية.

تحرر الأردن الآن من التزاماته القانونية وهو يواجه جماعة إرهابية سبق لها أن تحللت من أي التزام وطني حين قامت بالانتقال من مرحلة التحريض على الانقلاب على الحكم تحت شعارات مضللة إلى مرحلة تصنيع الأسلحة والاستعداد لخوض حرب داخلية.

وهكذا أصبح الخيار الأمني هو الحل الوحيد لمعضلة، صبرت الحكومات الأردنية عليها طويلا. فليست الشعارات التي كان الاخوان يرفعونها وهم يتظاهرون في مناسبات مختلفة سوى أوهام، حاولوا من خلال تسويقها جذب الجمهور في اتجاه أجندتهم الخفية.   

ذلك ما كان واضحا منذ سنوات طويلة.

وإذا ما كان الإخوان في الأردن قد انتهوا إلى قناعة حتمت عليهم اللجوء إلى العمل المسلح من أجل الاستيلاء على السلطة بطرق غير قانونية فإن مؤسسة الحكم في المقابل قد انتهت هي الأخرى إلى قناعة تأكدت من خلالها أن تلك الجماعة لا تصلح أن تكون جزءا من التركيبة السياسية لا لشيء إلا لأنها لا تؤمن بالثوابت الوطنية التي يجب أن يقوم عليها أي عمل سياسي.

ليست جماعة الإخوان حزبا سياسيا يمكن أن يساهم ببرنامجه في تطوير البنية السياسية للدولة، بل هي عصابة يهدف وجودها إلى هدم الدولة. لذلك فإن حظرها ومنع نشاطها نهائيا هو الحل الوحيد الذي تتمكن الدولة من خلاله من تصريف شؤون مواطنيها بعبدا عن الفوضى.