تقرير حكومي يتهم الإخوان بتقويض وحدة المجتمع الفرنسي

التقرير يؤكد أن مشروع الجماعة يهدف إلى العمل على المدى الطويل للتوصل تدريجا إلى تعديلات للقواعد المحلية أو الوطنية ولا سيما تلك المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الرجال والنساء.
التقرير يحذر من الطابع الهدام لمشروع الاخوان المسلمون
التقرير يحذر من انتشار أفكار الاخوان على المستوى المحلي والبلدي

باريس - خلص التقرير الحكومي الفرنسي إلى أن جماعة الإخوان المسلمين تمثل تهديداً مباشراً للتلاحم الوطني، بسبب محاولاتها المتكررة للتأثير على طريقة العيش في فرنسا، والتي تقوم على العلمانية والفصل الصارم بين الدين والدولة. وتُتهم الجماعة بمحاولة بناء "مجتمع موازٍ" داخل فرنسا، يسير وفق رؤى دينية وأيديولوجية تتعارض مع المبادئ الجمهورية. وقد أثار هذا السلوك قلقاً متزايداً لدى السلطات الفرنسية، خصوصاً مع تسلل خطاب الجماعة إلى البلديات والجمعيات المحلية التي تستهدف الجاليات المسلمة وتؤثر على تكوينها الفكري والاجتماعي، مما يخلق توتراً داخلياً يهدد الانسجام المجتمعي.
وتثير أفكار جماعة الإخوان المسلمين قلقاً كبيراً في الأوساط الغربية، لا سيما بسبب قدرتها على التأثير في فئة الشباب المسلم في فرنسا وأوروبا. تقدم الجماعة خطاباً دينياً وسياسياً مزدوجاً، يوحي بالاعتدال ظاهرياً، بينما يرسّخ مفاهيم الانفصال والولاء للجماعة بدلاً من الدولة. وقد ساهم هذا الخطاب، في كثير من الحالات، في دفع بعض الشباب نحو مسارات أكثر تطرفاً، حيث شكّلت الأفكار التمهيدية التي تروّج لها الجماعة أرضية خصبة لاستقطابهم من قبل تنظيمات متشددة مثل داعش والقاعدة. هذه المخاطر الفكرية تتجاوز حدود الأمن التقليدي، إذ تمسّ هوية الأفراد وتضعف انتماءهم الوطني.
وجاء في التقرير "إن هذا التهديد وحتى في غياب اللجوء إلى التحركات العنفية، يولد خطر المساس بنسيج الجمعيات وبالمؤسسات الجمهورية وبشكل أوسع بالتلاحم الوطني".

التهديد يولد خطر المساس بنسيج الجمعيات وبالمؤسسات الجمهورية

وشدد على أن جماعة الإخوان المسلمين "تستند إلى تنظيم متين إلا ان الإسلام السياسي ينتشر أولا على الصعيد المحلي" معتبرا أن انتشار هذا التشدد الإسلامي "يحصل من القاعدة صعودا" ويشكل "تهديدا على المدى القصير وكذلك المتوسط".
وأشار إلى "الطابع الهدام للمشروع الذي يعتمده الاخوان المسلمون" مشددا على ان هذا المشروع يهدف "إلى العمل على المدى الطويل للتوصل تدريجا إلى تعديلات للقواعد المحلية أو الوطنية ولا سيما تلك المتعلقة بالعلمانية والمساواة بين الرجال والنساء".
وأعد التقرير موظفان رسميان رفيعا المستوى أجريا مقابلات مع 45 استاذا جامعيا وزيارات داخل فرنسا وفي أوروبا.
ورأى معدا التقرير أن هذا "التشدد الإسلامي على المستوى البلدي" قد يكون له "تأثير متنام في الفضاء العام واللعبة السياسية المحلية" مع "شبكات تعمل على حصول انطواء مجتمعي وصولا إلى تشكل بيئات إسلامية تزداد عددا".
إلا ان المشرفين على التقرير أكدا "عدم وجود أي وثيقة حديثة تظهر سعي الأخوان المسلمين إلى إقامة دولة إسلامية في فرنسا أو تطبيق الشريعة فيها".
ونصح معدا التقرير "بتحرك طويل الأمد على الأرض للجم صعود الإسلام السياسي" مشيرين إلى ضرورة أن يترافق ذلك مع "توعية الرأي العام" من خلال "خطاب علماني متجدد وبادرات قوية وإيجابية حيال المسلمين".
وفي مواجهة هذا التهديد المتنامي، شرعت السلطات الفرنسية في اتخاذ خطوات ملموسة للحد من نفوذ جماعة الإخوان المسلمين ومكافحة تمدد أفكارها. وتشمل هذه الخطوات تعزيز الرقابة على الجمعيات والمساجد التي يشتبه بتبعيتها للجماعة، ومنع التمويل الأجنبي لبعض المؤسسات الدينية، بالإضافة إلى تعزيز التعليم العلماني وحماية قيم الجمهورية
وتأتي هذه الإجراءات في سياق أوسع من الوعي الغربي المتزايد بخطورة هذه الجماعة، التي تُصنّف في عدد من الدول كتنظيم إرهابي أو محظور بسبب ارتباطها بأجندات سياسية تسعى إلى السيطرة عبر استغلال الدين. تؤكد فرنسا من خلال هذه السياسات حرصها على حماية نموذجها الاجتماعي ووحدتها الوطنية من خطر الاختراق الأيديولوجي.