رحلة لآخر معاقل الأنظمة الماركسية في 'هوامش كوبية'

الكاتب إبراهيم المليفي يحاول ان يجيب عن سؤال 'كيف استطاعت كوبا تلك الجزيرة الصغيرة المتاخمة لحدود ولاية فلوريدا الأميركية الصمود والبقاء بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفييتي'.

عن دار نشر ذات السلاسل للطباعة والنشر والتوزيع بالكويت، صدر حديثاً للكاتب إبراهيم المليفي، رئيس تحرير مجلة العربي، كتابه الجديد "هوامش كوبية". 

الكتاب الجديد، وصل لما سبق من كتابات في مجال أدب الرحلات، كان من أبرزها كتاب "كُنّا هُناك: صراع مضى وإرث بقي"، حيث يؤكد "المليفي" عبر "هوامش كوبية" على أنه "وجد نفسه في أدب الرحلات"، منتصرا لذلك الجنس الأدبي الذي يرى أنه تعرض للإهمال لصالح أجناس أخرى من الأدب، ليقدم لنا كتابه الذي تناول فيه تفاصيل رحلته إلى كوبا بلغة أدبية محمّلة بصور ومشاعر إنسانية جياشة. 

المليفي الذي قادته قدماه إلى كوبا بحثاً عن إجابة لسؤال ألح عليه كثيراً وهو: "كيف استطاعت تلك الجزيرة الصغيرة المتاخمة لحدود ولاية فلوريدا الأميركية، الصمود والبقاء بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفييتي"، يرى أنه زار كوبا في الزمن الذي اعتقد أنه الزمن الصحيح... إنه زمن كوبا فيديل كاسترو، وهي زيارة منحته فرصة أن يشهد الحياة في آخر معاقل العناد ضد الرأسمالية، وآخر الأنظمة الماركسية العتيقة الباقية على قيد الحياة. 

وفي وصفه لأولي لحظات وصوله لأرض كوبا، يقول إبراهيم المليفي: "حين تطأ قدماك هذه الجنة الاستوائية ستشعر بأنك عدت من جديد إلى نقطة بداية الرحلة التي قطعتها، فأنت في كوبا نادراً ما تشعر بغربة المكان واختلاف البشر من حولك، فالتماثل المطلوب لطرد أحاسيس الغربة والاختلاف ليس شرطاً أساسياً" في هذه الجزيرة الواقعة في حوض البحر الكاريبي، فالابتسامة الصافية وشفافية المشاعر هما الوطن الذي يبحث عنه كل مغترب، وما دون ذلك مجرد تفاصيل يمكن التغلب عليها مع مرور الوقت". 

لكن لماذا كوبا؟ هكذا يطرح المليفي السؤال، ثم يجيبنا فيقول:  "رغم أن السؤال قصير جداً، إلا أنه شغلني طويلاً قبل أن أحقق حلمي بالسفر كوبا، لأرى وأسمع بنفسي كيف استطاعت تلك الجزيرة الصغيرة المتاخمة لحدود ولاية فلوريدا الأمريكية، الصمود والبقاء بعد انهيار المعسكر الاشتراكي وتفكك الاتحاد السوفييتي". 

ويُكرر إبراهيم المليفي السؤال لماذا كوبا؟ ويجيب: لكي أتعلم دروساً جديدة في الحياة، وأنقلها للآخرين عبر الكتابة، وأهم تلك الدروس خاصة لمن يمارس الكتابة الصحافية، هو التأني في تكوين القناعات الشخصية وعدم التأثر بالصور النمطية وتحمل أثقال الضخ الإعلامي الموجه، وكوبا من خير تلك الأمثلة... ولأشهد تعايش الخليط البشري من السكان الأصليين والغزاة والعبيد ومهاجرين قدموا من كل الاتجاهات بحثا عن حياة جديدة في جزيرة حالمة مليئة بالفرص والبهجة، مزجهم التاريخ ليصنع منهم شعب ينبذ الغضب ويعشق موسيقى السالسا التي نسمعها تصدح في كل مكان ويمارسها الكبير قبل الصغير… ولأشتري السيجار من المنبع، لأتلقفه من السماء التي تمطره بسخاء وأجمعه لأصدقائي ولكل من أعرف أنهم يبذلون الغالي والنفيس لاقتناء أجوده وأطراه، ولأدخل أحد مصانعه وأتابع خطوط انتاجه التي خلت من أكذوبة لف السيجار على أفخاذ البنات. 

ويرصد كتاب "هوامش كوبية" الكثير من التحديات التي واجهتها كوبا، والتي كان أولها نجاح القيادة الكوبية في تخطي موجة تهاوي الأنظمة الاشتراكية في أوربا الشرقية بعد تحطم جدار برلين، والتحدي الثاني وهو الأصعب هو بقاء نفس النظام حتى هذا اليوم بمواجهة نظام عالمي جديد يقوده قطب واحد لا يبعد كثيراً عن سواحل كوبا. 

وفي الختام يؤكد مؤلف كتاب "هوامش كوبية" على أن كوبا ليست بلداً يطويه النسيان بسهوله، فكوبا – بحسب قوله - رحلة وجدانية بكل المعاني تمكن من خوضها ولا زال يتذكرها ويتمنى تكرارها، مشيراً إلى أنه زار كوبا ومكث فيها لعشرة أيام وخرج منها برحلة نشرت منها عدة مواضيع في مجلة العربي وكذلك في مجلة العربي الصغير.