'مراود' الإماراتية تحتفي بالفنون الشعبية كتراث عابر للحدود

المجلة تستعرض جوانب قيّمة من عناصر الفنون الشعبية بما يشمله من معارف وفنون.

صدر أخيراً العدد رقم 61 من مجلة "مراود" التي يصدرها معهد الشارقة للتراث، والمعنية بالتراث الإماراتي والعربي والإنساني.    

وتصدّر العدد ملفاً بعنوان: "الفنون الشعبية تراث عابر للحدود"، كما تضمن العدد مقاربات عدة، ودراسات ورؤى متنوعة، استعرض فيها نخبة من الكتاب جوانب قيّمة من عناصر الفنون الشعبية بما يشمله من معارف وفنون.

كما تضمن العدد موضوعات غنية وقراءات مهمة تحتفي في مجملها بالتراث العربي برموزه ومكوناته وعناصره كافة، وهي وقفات مهمة لتسليط الضوء على جوانب خفية، وأخرى مطموسة أو منسية من تراثنا الشعبي العربي.

وفي افتتاحية العدد، قال الدكتور عبدالعزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث ورئيس التحرير، إن التراث الثقافي مرآة لحضارة الشعوب وتراث الإمارات بما يتضمنه من غنى وتنوع، هو محصلة لثقافة شعب عربي عريق امتهن السفر والترحال، وتذوق الفن والأدب، فالإماراتيون بحارة مسافرون، طرقوا دروب البر والبحر، فجابوا بلاد الهند والسند وإفريقيا والصين وبلاد الرافدين وبلاد الشام.

ولفت إلى أن السفن الشراعية العربية التي مهر الإماراتيون في صنعها كانت من أقوى السفن التي تقاوم الرياح، وترتاد أعظم البحار، وكانوا من أمهر الربابنة والبحارة.

وقد نشأت في الإمارات عن طريق مدنها الرئيسة كرأس الخيمة والشارقة ودبي وأبو ظبي، حركة تجارية قوية، من خلال قوافل برية وبحرية، نشطت على غرارها التبادلات التجارية بين البر والبحر، فنقلت الحرير والذهب والفضة والأواني الصينية والفخار وغيرها، مكونة بذلك شبكة من التجارة الداخلية والخارجية.

حصن الشارقة

وفي كلمته على الصفحة الأخيرة من المجلة، تناول الدكتور منّي بونعامة، مدير إدارة المحتوى والنشر بمعهد الشارقة، ومدير التحرير، تاريخ حصن الشارقة، وذكر أن حصن الشارقة يعد أكبر وأهم مبنى في الإمارة، يقع في منطقة قلب الشارقة، وسكنًا لعائلة القواسم الحاكمة، وهو من معالم الشارقة التاريخية وصروحها الأثرية التي ارتبطت بنشأتها وتطورها، وواكبت مختلف مراحلها، كما يمثل ذاكرة المكان، وتاريخ الأسرة القاسمية الكريمة، وحكامها الذين تعاقبوا على حكم الإمارة وتوابعها.

وبحسب "بونعامة" فإن الحصن بُني في عام 1823، وهدم في عام 1969، وأعيد بناؤه وترميمه وافتتاحه في عام 1997، وقد قدم صاحب السمو الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى للاتحاد حاكم الشارقة، في كتابه "سرد الذات" وصفًا دقيقًا ومفصلًا للحصن وموقعه ومكوناته، وكل ما يحيط به ووظائف كل جزء.

التراث واصالة المجتمعات

وفي ملف العدد: كتب الأستاذ الباحث فهد علي المعمري عن " الفنون الشعبية.. تراث يعكس أصالة المجتمعات" لافتاً إلى أن التراث الشعبي ينقسم إلى قناتين رئيسيتين هما: التراث غير المادي والتراث المادي، كما عرّف التراث بإنه حصيلة الخبرات والمعارف التي توارثتها الأجيال في مجتمع من المجتمعات، وتعكس طابع ذلك المجتمع وتعبر عن هويته القومية.

وفي الملف نطالع مقال "الفنون الشعبية ... مرآة عاكسة للإبداع الإماراتي" للدكتور والباحث التراثي سالم زايد الطنيجي، حيث ذكر أن الفنون الشعبية تعد جزءًا مهمًا من التراث الثقافي للشعوب، حيث تعكس تلك الفنون تاريخًا طويلًا من الإبداع والتنوع الثقافي، يمتد تأثير الفنون الشعبية عبر الحدود، يجسد قصصًا تاريخية وتراثية، ويعكس قيمًا جمالية فريدة لكل مجتمع، يعد التراث الشعبي عابرًا للحدود، حيث يتجاوز القيود الجغرافية، ليتأثر ويؤثر في ثقافات مختلفة.

كما نوّه إلى أن الفنون الشعبية تتأثر بالحياة اليومية للناس، وتعكس ملمحًا فريدًا لهويتهم وتفاصيل حياتهم، هذا التأثير يعبر الحدود ويتجاوز الثقافات واللغات، حيث يشكل التراث الشعبي جسرًا بين الشعوب المختلفة.

ونبقى في الملف، حيث يكتب الأستاذ الدكتور مصطفى جاد عميد المعهد العالي للفنون الشعبية بالقاهرة سابقًا "العبور المدهش بين الحدود" أن الحكايات الشعبية هي أكثر حظًا وبريقًا في قصة العبور بين الحدود، لأن فنون الحكي من أكثر العناصر انتشارً وقدرة على العبور، فالرحالة عندما سافروا بتجارتهم البحرية عبر القارات، حملوا معهم حكايات البلدان التي جاؤوا منها، أو التي سافروا إليها.

هذا وقد تضمن الملف عددا من الموضوعات الأخرى بينها: "العازي.. فن القتال والحرب" لفاطمة سلطان المزروعي رئيس قسم الأرشيف الوطني، و"غناء الذكريات" مريم سلطان المزروعي، و"الفن العابر للقارات" للدكتور فهد حسين، "فنون أداء السمسمية ... بمدن القناة المصرية" للدكتور أحمد سعد الدين عطية، و"الفنون الشعبية وروح التفاعل بين الأمم" للأستاذ خالد صالح ملكاوي، و"ألف ليلة وليلة ... تراث إنساني عابر للحدود والثقافات" للأستاذ إيهاب الملاح مدير تحرير سلسلة عالم التراث، و"الفنون الشعبية ... رسالة تراثية" للكاتب والباحث محمد نجيب قدورة، و"طرب النهمة البحري" للكاتبة ميسون يوسف الأنصاري، و"الفنون الشعبية في الإمارات" إعداد سعاد الكلباني، و"ريادة معهد الشارقة للتراث في حفظ وصون التراث الفني" للأستاذ علي العبدان مدير إدرة التراث الفني بمعهد الشارقة للتراث.

فن المراداة

وفي موضوعات العدد: يضيئ علي العشر خبير التراث الفني بمعهد الشارقة للتراث، على فن المراداة، وهو فن نسائي فقط، حيث يؤدي في بعض المناسبات مثل الأعياد وعند إنزال سفينة جديدة إلى البحر، وعند شفاء أحد المرضى، وعند الانتصار في الحروب، وفي بعض حفلات الزواج، وفي مناسبات النذور، وعند رجوع المسافرين من السفر أو عند رجوع البحارة من الغوص حيث تتجمع النسوة على سيف البحر عصر كل يوم، وذلك عند معرفتهن بانتهاء مدة الغوص، حيث تسمى هذه الأيام أيام القفال، وذلك لمعرفتهم بأن هذه الأيام سوف تستعد سفن الغوص مع بحارتها للرجوع، لانتهاء موسم الغوص.

وفي العدد أيضا، يكتب لنا محمد عبدالله نور الدين عن "الشعر بين النبطي والفصيح" حيث يتبوأ الشعر النبطي مكانة مهمة عند عامة الناس في شبه الجزيرة العربية ومناطق واسعة خارجها، وهذه المكانة اكتسبها من خلال قرون طويلة من الزمن، بدأت ارهاصاتها الأولى مع ظهور لغة أدبية نموذجية جديدة بموازاة اللغة الفصيحة، ولكن قبل ذلك الزمان، فإن الشعر عند العرب كان له لغة نموذجية تجمع ألسنة الشعراء وديوانهم الأهم بين شتى صنوف الأدب.

وضمن موضوعات العدد أيضا، نقرأ لطلال سعد الرميضي "ابن خصيوي الصابري.. شاعر غفل التراث عن آثاره الشعرية"، و"ندم على ندم لسعيد يقطين، و"ابتسم ... إن حياتنا ومضة" لحسين الراوي، "نزهة الظرفاء وتحفة الخلفاء... وصايا سلطانية بقلم ملك" لخالد عمر بن ققة.. متناولاً جهود الشيخ الدكتور سلطان القاسمي في ترسيخ مسيرة اتحاد الإمارات العربية.

كما نقرأ بالعدد عدد من الموضوعات المتنوعة منها: "الفنون طوافة مع أسراب الحمام" لعائشة مصبح العاجل، "شرف الطير" لدكتور محمد الجويلي، و"الأسس النظرية لظاهرة العصيان المدني.. عند هنري ديفيد ثورو" للدكتور خليل السعداني، و"عالمية التراث الثقافي في الشارقة" للأستاذ الدكتور عبدالعزيز صلاح سالم، و"قصة انتشار الإسلام والثقافة العربية الإسلامية بمنطقة الساحل" للدكتور أحمد الشكري، ومجموعة أخرى من الموضوعات المتنوعة التي تدور في فلك التراث الإماراتي والعربي والإنساني.

يُذكر أن "مراود" هي مجلة معنية بالتراث الإماراتي والعربي والعالمي، ويرأس تحريرها الدكتور عبد العزيز المسلّم، رئيس معهد الشارقة للتراث، ومستشار التحرير ماجد بوشليبي، الخبير الثقافي بمعهد الشارقة للتراث، ومدير التحرير الدكتور منَي بونعامة، مدير إدارة المحتوي والنشر بمعهد الشارقة للتراث، ويتكون مجلس التحرير من: على العبدان، وعتيج القبيسي، وعائشة الشامسي، وسارة إبراهيم، وسكرتير التحرير أحمد الشناوي، كما تضم هيئة التحرير منير حمود وبسام الفحل للإخراج الفني والمراجعة اللغوية، وتصدر المجلة شهريا عن معهد الشارقة للتراث.