أتباع المذهب الموغابي في الوطن العربي

لا يجتمع الحديث عن الدستور والاستهانة به وتعديله وقتما شاء الحاكم.
وضع السلطة بيد الحاكم ينشر الفوضى والظلم ويدجن الانسان
مخاوف أثيرت من أن الاستفتاء قد لا يكون أفضل طريقة لضمان الحماية الدستورية للأقليات

حفظ التاريخ لرئيس زيمبابوي السابق روبرت موغابي قوله "زيمبابوي لي"، وحمل هذه الوصمة الى قبره مع أنه ليس الوحيد ولا الأول الذي كان على قناعة بأن دولته ملك له، وقد سبقه العرب بقرون وهم الذين أسسوا هذا المبدأ فكل حاكم عربي يجمع السلطة بيده، ومهما قال الشعب فبالنهاية سوف يصمتون، وأبرز الأدلة على ذلك هو تعديل الدستور بمرسوم أو حتى دون مرسوم والاكتفاء بالإشارة، والعجيب أن كل الأصوات التي كانت تنادي بتقييد سلطة الحاكم توافق على التغييرات وتعدلها على مقاس الحاكم، فأين ذهبت الأصوات المعارضة؟

إن تعديل الدستوري ليس بالأمر البسيط وفي بعض الدول، تسفك الدماء لو مس أحد الدستور دون الالتزام بالخطوات التي نص علها الدستور نفسه لإجراء أي تغيير عليه، وهذا الأمر لم يأت بشكل اعتباطي بل لقد كرسه عصر النهضة في أوروبا الذي شهد ظهور المفكرين والفلاسفة الذين أعادوا ضبط الأمور بحيث ألغيت السلطة المطلقة وقد التزم بها الأوروبيون لوعيهم وإدراكهم أن وضع السلطة بيد الحاكم ينشر الفوضى والفساد والفقر والظلم ويدجن الانسان ويجعله ضعيفا وخانعا ويسهل تدمير دولته من قبل أية جهة طامعة أو طامحة، وليس من مصلحة القائد أن يدجن شعبه لأنهم خط الدفاع الأول عن الدولة.

إن الدستور هو الأساس القانوني والسياسي للدولة ويعكس فكرة أن الشعب هو مصدر السيادة من خلال المشاركة الحقيقية للشعب في صياغة الدستور من خلال الانتخاب المباشر لأعضاء اللجنة الدستورية التي تضع الدستور أو تقوم بتعديله لاحقا. ولكن التعديل لا يجري برغبة شخص واحد فقد تم وضعه ليناسب الجميع أو غالبية الشعب، والطريقة الأكثر مباشرة لإشراك الجمهور في تعديل الدستور هي من خلال الاستفتاء حيث أن حوالي 40 في المائة من الدساتير الحالية تنص على استخدام الاستفتاءات في التعديلات الدستورية، مع وجود بعض الاختلافات بين الدول، ففي أستراليا والدنمارك وايرلندا واليابان يجب إجراء استفتاء على كافة التعديلات الدستورية مهما كانت الطريقة صغيرة أو غير مهمة أو غير مثيرة للجدل، بينما تتطلب بعض الدول إجراء استفتاء فقط إذا تم تعديل البنود الأساسية أو إذا كان التعديل يستلزم مراجعة كاملة مثل النمسا وجامايكا ولاتفيا وإسبانيا. أما في ايطاليا فيجب مطالبة 50 ألف من الشعب بالتعديل أولا لدراسة الأمر وفي لوكسمبورغ يجب أن يطالب 25 ألف ناخب من الشعب. وفي بعض البلدان، يجوز للرئيس أن يطلب التعديل فيدرس البرلمان الطلب واذا وافق البرلمان على الطلب، فإن الطلب يطرح للاستفتاء العام للموافقة على إجراء التعديل الدستوري.

وقد أثيرت مخاوف من أن الاستفتاء قد لا يكون أفضل طريقة لضمان الحماية الدستورية للأقليات، لذا فإن بعض الدساتير تتطلب ليس فقط أغلبية على مستوى البلاد في الاستفتاء ولكن أيضًا غالبية الناخبين في الوحدات الفرعية التي تمثل الأقليات في المجتمع مثل استراليا وسويسرا، وبناء على ذلك، ينبغي النظر بعناية في متطلبات الاستفتاء لأنها تساهم أيضًا في تحقيق توازن ملائم من حيث مدى مرونة أو صرامة التعديل.

في ضوء ما يجري في العالم العربي من حيث تعديل الدستور بأمر فرد واحد، علينا أن نحترم رئيس كوريا الشمالية كيم يونغ، فالرجل يمسك بزمام الأمور بيده ولا يسمح للشعب أن يفتح فمه، ولكنه لا يخفي ذلك ولا يدجل على الناس، ولا يدعي الديمقراطية ولا يكذب على الشعب، فهو صريح وحريص في نفس الوقت على أن يعدم المعارضين على الملأ ليكون عبرة لمن يعتبر، كما أن موغابي لا يستحق الانتقادات لأنه شفاف وواضح ولا يتلاعب بالمصطلحات ولا يدعي ما ليس فيه.