أوروبا تتوجس من انقلابات جديدة في الساحل الافريقي

الافتقار إلى الوحدة بين الأوروبيين أدى إلى إضعاف استجابة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا والفشل في دعم الحلول لمشاكل القارة السمراء.

بروكسل – حذر مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل، من تواصل الانقلابات العسكرية في الساحل الأفريقي وعواقبها على أوروبا، ما فتح التساؤلات حول إمكانية حصول انقلابات أخرى في هذه المنطقة الإستراتيجية التي باتت على صفيح ساخن.

وقال بوريل، خلال مؤتمر مع السفراء في بروكسل الإثنين "عاجلًا أم آجلًا سوف نعاني من عواقب ما يحدث في منطقة الساحل، وعلى ضوء تزايد الحكومات العسكرية، الذي يعني مزيدًا من عدم الاستقرار ومن تدفقات الهجرة نحو أوروبا”.

واعترف بوريل بالفشل الأوروبي في ملف النيجر، وأشار إلى أن الافتقار إلى الوحدة بين الأوروبيين أدى إلى إضعاف استجابة المجموعة الاقتصادية لغرب أفريقيا، وقال "لذلك فشلنا في دعم الحلول الأفريقية للمشاكل في هذه القارة".

وشهدت كل من مالي وبوركينا فاسو والنيجر والغابون انقلابات عسكرية ضد أنظمة حكم كانت حليفة للغرب، وخاصة لفرنسا التي تراجع حضورها في القارة جراء هذه الانقلابات.

ومنذ أشهر كان كثيرون يرون إمكانية حدوث انقلاب في الكاميرون أو بقية دول غرب أفريقيا التي يمسك فيها السلطة رجال أقوياء منذ عقود ويتفشى فيها الفساد.

كانت الانقلابات العسكرية في أفريقيا تعد حدثا منتظما في العقود التي تلت الاستقلال لكنها، أصبحت لاحقا حدثا أكثر تكرارا.

ويشير باحثون إلى أن الدول الإفريقية مازالت تعيش ظروفا مهيئة للانقلابات، مثل الفقر وضعف الأداء الاقتصادي والفساد. ويضيفون أن حدوث انقلاب في دولة ما، غالبا ما يكون نذيرا لوقوع مزيد من الانقلابات في الدول المجاورة.

وشهدت أفريقيا بشكل عام، انقلابات أكثر من أي قارة أخرى. فقد تعرض العالم منذ عام 2017، إلى عدد من الانقلابات بلغ 17 انقلابا، كانت 16 منها في أفريقيا، وانقلاب في ميانمار في عام 2021.

ويقول محللون إن الانقلابات العسكرية في القارة الأفريقية في العقدين الأخيرين تميزت بسلميتها وابتعادها عن العنف. ولاحظ مراقبون أن العسكريين الذين يضطلعون بتلك الانقلابات هم الأغلب من القادة الشباب. كما هيمن على تلك الانقلابات خطاب معاد للغرب، خاصة فرنسا.

وتركزت أكثر الانقلابات العسكرية في أفريقيا في دول غرب القارة، التي يتمتع بعضها بثروات تطمح دول غربية إلى استغلالها.

ويقول محللون أن الشعارات التي رفعها قادة الانقلابات العسكرية في إفريقيا تتركز أولا في محاربة الأنظمة الموالية للغرب، وثانيا تحقيق الديمقراطية، هي أهداف في مجملها جيدة.

لكن نموذج الانقلابات الذي يحدث في إفريقيا لم ينجح حتى اليوم في تحقيق أي نوع من الديمقراطية أو الاستقلال، فهي ترسخ لحكم الديكتاتوريات.

وعندما انتقلت بعض دول القارة للتجارب الديمقراطية مطلع التسعينات، كان من الملاحظ أن هذه الأنظمة كانت تخضع للدول الغربية والمؤسسات المانحة، لذلك كان هذا النموذج مفروض على إفريقيا ولم يعكس تطور داخلي لهذه المجتمعات.

ويضيف هؤلاء أن الداعم الأكبر للتحركات الأخيرة داخل إفريقيا اليوم هو الشعب الذي بات غاضبا من النظم الاستعمارية التي نهبت خيرات بلاده. والأمل اليوم في جيل الشباب الذي يقود حركة الانقلابات الراهنة، ويبدو جاد في عملية تحرير بلاده من السطوة الاستعمارية والسير نحو نظم ديمقراطية.