اتفاق الفرصة الاخيرة

الاتفاق النووي بفرض التوصل إليه، يمكن وصفه بالفرصة الاخيرة المتاحة للنظام الايراني لكي يتفادى المواجهة مع الشعب الإيراني.
مقدار التفاؤل المنتظر من الاتفاق الجديد أقل بكثير من الاتفاق السابق
الاتفاق النووي ليس إلا "مهدئا" مؤقتا لجانب من أوضاع النظام والشعب الايراني

مع تزايد التصريحات المتفائلة بقرب التوصل الى إتفاق نووي، فإن هذا الاتفاق فيما لو جاء سيكون نتيجة سلحفاتية لماراثون المفاوضات التي إنطلقت من فيينا من العام الماضي، هذه النتيجة وإن سعى القادة في نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية للإيحاء بأن البلدان الغربيـة تواقة إليه وفي عجالة من أمرها للتوصل إليه، لكن ذلك لا يمكن أبدا أن يغطي على الحاجة الاكثر من ماسة لطهران للتوصل الى إتفاق نووي بعد أن وصلت أوضاعها الى أسوأ ما تكون ولم يعد في وسعها المطاولة والمقاومة أكثر من ذلك.

القادة الايرانيون الذين يعلمون جيدا بأن انفضاض محادثات فيينا من دون التوصل الى اتفاق نووي ورفع العقوبات عنهم ووضع حد للعزلة الدولية القاتلة التي يعانون من جرائها الامرين، فإن ذلك يعني بأن عليهم أن ينتظروا ليس مجرد إنتفاضة غاضبة كما تتوقع أوساط النظام نفسه، بل وحتى إن عليهم أن ينتظروا ثورة شبيهة بتلك التي أسقطت نظام الشاه في 11 شباط/فبراير 1979، لكن، التوصل الى الاتفاق النووي في نفس الوقت لا يعني بالمرة إن النظام سوف يحصل من جرائه على صك الخلاص من إنتفاضة أو ثورة الشعب، ذلك إن هذا الاتفاق وكما يؤكد معظم المراقبين السياسيين المعنيين بالشأن الايراني ومن ضمنهم من داخل النظام الايراني نفسه، لن يتمكن أبدا من إيجاد حلا أو معالجة للأزمات الحادة المتراكمة ووضع حد لها.

الاتفاق النووي بفرض التوصل إليه، يمكن وصفه بالفرصة الاخيرة المتاحة للنظام الايراني لكي يتفادى المواجهة مع الشعب الايراني، ولئن كان الاتفاق النووي للعام 2015، لم يتمكن من تحسين الاوضاع الاقتصادية والمعيشية فإن مقدار التفاؤل المنتظر والمتوقع من الاتفاق الجديد يمكن القول بأنه أقل بكثير من الاتفاق السابق، خصوصا وإن النظام الايراني وبعد التراجع الحاصل في دوره وتأثيره في البلدان التي يهيمن بنفوذه عليها وكذلك تزايد مشاعر الكراهية والرفض له وللميليشيات التابعة له، فإنه سيعمل حتما من أجل العمل باتجاه تعزيز دوره ونفوذه من خلال زيادة الدعم لهذه الميليشيات تماما كما فعل على أثر الاتفاق النووي للعام 2015، مع الاخذ بنظر الاعتبار والاهمية بأن الظروف والاوضاع المختلفة على أصعدة دول المنطقة والعالم التي تتزامن مع الاتفاق النووي المرتقب، لا تشبه نظيرتها في العام 2015، فهي ليست في صالح النظام الايراني بالمرة، وقد يكون من الصعب على هذا النظام أن يتدارك الامر ويعيده الى سابق عهده.

الاتفاق النووي الجديد ومهما سيكتب ويقال عنه، فإنه ليس إلا بمثابة "مهدئ" و"مسكن" مؤقت لجانب من أوضاع النظام عموما والشعب خصوصا وإن إنتهاء هذا التأثير من شأنه إعادة الامور الى حالها السابق وعندئذ فإن السؤال الذي لابد للنظام الايراني من الاجابة عليه: هذه المرة بماذا سيمني الشعب الايراني ويهدئه؟!