الأزمة السياسية تضع الأمن القومي التونسي على المحك

خبراء يرون أن انسداد الآفاق السياسية في ظل الأزمة وما يرافقها من تفكك لمؤسسات الدولة يعد مدخلا للهجمات الإرهابية.
الأزمة السياسية بدأت تتسلل إلى مفاصل الدولة وأجهزتها لتهدد الأمن القومي
النقابات الأمنية تحذر من خطورة التجاذبات السياسية

تونس ـ تعهد الرئيس التونسي الباجي قائد السبسي بحماية الدولة للأمن القومي مشيرا إلى أن التأويل الحقيقي للهجوم الإرهابي الذي جد مؤخرا على الحدود مع الجزائر جاء في ظل غياب تضامن التونسيين في تلميح إلى الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد فيما قال مراقون إن الأزمة ألقت بتداعياتها السلبية على أداء أجهزة الأمن.

وقال السبسي في كلمة مقتضبة لوسائل الإعلام خلال زيارته الاثنين لجرحى الهجوم الإرهابي إن مجلس الأمن القومي سيجري تحقيقا دقيقا في كل ملابسات وحيثيات الهجوم لتحديد المسؤوليات واتخاذ كل الإجراءات اللازمة للحفاظ على أمن تونس واستقرارها.

والثلاثاء اجتمع مجلس الامن القومي بصفة استثنائية بإشراف السبسي ما بدا مؤشرا على أن الأزمة السياسية بدأت تتسلل إلى مفاصل الدولة وأجهزتها لتهدد الأمن القومي.

واكتفى بلاغ صادر عن الرئاسة التونسية ببيان مقتضب أشار فيه إلى الاجتماع دون تقديم أي إيضاحات غير أن مراقبين رأوا في الاجتماع الاستثنائي رسالة قوية مفادها أن مسألة الأمن القومي باتت تتصدر الاهتمامات في ظل الأزمة السياسية.

وتساور التونسيين مخاوف جدية من أن يكون الإرهابيون قد اخترقوا الأجهزة الأمنية مستفيدين من التجاذبات السياسية بين النهضة والنداء على وزارة الداخلية.

وكانت النقابات الأمنية حذرت في أكثر من مناسبة من خطورة تلك التجاذبات على أدائها ومدى جهوزيتها مشددة على ضرورة أن تبقى الأجهزة الأمنية محايدة.

وتجاهر الأجهزة الأمنية بانها لا تحظى فقط بالإسناد السياسي الكافي في حربها على الإرهاب بل تتعرض إلى نوع من الإرباك في مساع لاختراقها من قبل السياسيين.

ويربط أخصائيون في الجماعات الإسلامية بين الأزمة السياسية وبين نشاط العناصر الإرهابية لافتين إلى أن أي هجمات تستغل حالة التوتر السياسي واحتقان الشأن العام.

ويقول علية العلاني الباحث في الجماعات المتشددة إن الهجوم الإرهابي "تزامن مع وجود لوبيات داخل وخارج الحكومة فظهرت وكأنها جزء من التجاذبات السياسية".

وحذر العلاني الذي كان يتحدث الثلاثاء لوسائل الإعلام من أن "يتم ترحيل التجاذبات على مراكز القرار الإداري والسياسية والأزمة السياسية بصفة عامة إلى مراكز القرار الأمني وبالتالي ترحيلها إلى أزمة أمن قومي".

غير أن مختار بن نصر رئيس لجنة مكافحة الإرهاب قلل من خطورة الإرهابيين على الأمن القومي ملاحظا أن "الإرهابيين فشلوا في القيام بهجمات داخل المدن وهو ما يفسر أن الهجوم حصل على المناطق الحدودية الغربية مع الجزائر". ووصف بن نصر الأربعاء الهجوم الإرهابي بـ"الحادثة المعزولة بعد عامين من فشل الخلايا الإرهابية".

ويعد هجوم جندوبة الواقعة على الحدود مع الجارة الغربية الجزائر الأول من نوعه بعد عامين من هجوم بن قردان في 2016 الذي شارك فيه نحو 200 إرهابي في مسعى إلى تركيز إمارة إسلامية تابعة لتنظيم الدولة لكن تم إحباط المخطط.

وتنسجم قراءة العلاني مع تحاليل الخبراء إذ يرون أن انسداد الآفاق السياسية في ظل الأزمة وما يرافقها من تفكك لمؤسسات الدولة يعد مدخلا للهجمات الإرهابية".

وقال لطفي السنوسي المحلل السياسي لمراسل ميدل ايست أونلاين" إن الأزمة السياسية فسحت المجال أمام الخلايا الإرهابية لتنفيذ مخططاتها التي تستهدف مؤسسات الدولة".

وأضاف السنوسي يقول "إن أي هجوم إرهابي لا يمكن أن ينظر إليه سوى كجزء من الأزمة" مشددا على "ضرورة أن يتحمل السياسيون مسؤولية الأمن القومي بالبلاد".

وفي ظل حالة الحصار التي يتعرض إليها الإرهابيون في كل من سوريا والعراق بات ما يعرف بالجهاديين العائدين بطرق ملتوية من بينها جوازات سفر مزورة قنبلة موقوتة تهدد أمن تونس واستقرارها في أي لحظة.

وكانت وزارة الداخلية قالت في وقت سابق أن العشرات من مقاتلي تنظيم الدولة عادوا إلى تونس ونظموا صفوفهم في إطار خلايا تتكون ما بين 5 و7 عناصر تنشط في سفوح الجبال وفي الجهات الداخلية وفي الأحياء الشعبية المتاخمة للمدن الكبرى.

وتقدر تقارير أمنية تونسية وأجنبية عدد الإرهابيين التونسيين بنحو 5000 آلاف عنصر من بينهم العشرات الذين يتقلدون مهام متقدمة سواء في صلب تنظيم الدولة أو في القاعدة.

ويرى الخبراء أن الجهاديين العائدين الذين التحقوا بعدد من الكتائب مثل كتيبة عقبة بن نافع وكتيبة جند الخلافة وتنظيم القاعدة ببلاد المغرب الإسلامي يشكلون تهديدا خطيرا على الأمن القومي التونسي ما لم توضع استراتيجية للتوقي من هجماتهم.