هل خذل الغنوشي قائد السبسي

متابعون يقولون إن السبسي أجرى اتصالات مع عدد من قيادات القوى الديمقراطية وحثها على تجاوز خلافاتها ورص صفوفها ضد تغول النهضة.

تونس - قالت أوساط سياسية مقربة من قصر الرئاسة التونسية إن الرئيس الباجي قائد السبسي بات يشعر بأن راشد الغنوشي خذله بخروجه عن الإجماع الوطني حول رحيل يوسف الشاهد رئيس الحكومة رغم أنه وفر للنهضة فرصة تاريخية من خلال إشراكها في الحكم.

وشددت هذه الأوساط التي رفضت الكشف عن هويتها لأسباب سياسية على أن الرئيس التونسي أسر لعدد من مستشاريه وأيضا للأمين العام لاتحاد لشغل نور الدين الطبوبي بأن الغنوشي "بات يمثل حجرة عثرة أمام الوحدة الوطنية والحال أن الأزمة السياسية تفرض حشد كل الجهود للخروج منها".

ولم تتردد نفس الأوساط في التأكيد على أن السبسي أجرى خلال هذه الفترة اتصالات مع عدد من قيادات القوى الديمقراطية وحثها على تجاوز خلافاتها ورص صفوفها في إطار جبهة وطنية تكون قوة ضغط مدنية إيجابية ضد تغول حركة النهضة".

وتظهر قراءات أنه رغم الرسائل المبطنة والقوية التي وجهها السبسي للغنوشي في أكثر من مناسبة وتحميله مسؤولية استمرار الأزمة السياسية وتداعياتها على أداء مؤسسات الدولة وعلى الأوضاع العامة اختار الغنوشي الهروب إلى الأمام متمسكا بورقة الشاهد.

وتجاهر غالبية قيادات القوى الديمقراطية بأنه ما كان لتنزلق تونس في الأزمة السياسية التي تكاد تكون الأولى من نوعها لولا إشراك النهضة في الحكم الذي كان على حسابها.

وتسللت حالة الاستياء من القوى الديمقراطية إلى عدد من القيادات النهضوية الغاضبة عن الغنوشي وفي مقدمتها عبد الفتاح مورو نائب رئيس البرلمان الذي لم يتردد خلال اليوميين الماضيين في التشديد على أن الأزمة السياسية تحولت إلى أزمة مؤسسات.

يوسف الشاهد
سبب الخلاف

ومنذ اندلاع الأزمة السياسية تشهد مؤسسات الدولة وأجهزتها نوعا من الجمود إلى حد الشلل ما دفع بمورو إلى التحذير من أن الأزمة تسللت إلى البرلمان.

وربط سياسيون زيارة جون إيف لودريان وزير أوروبا والشؤون الخارجية الفرنسي لتونس واستقباله من قبل الرئيس السبسي الأحد بتعقيدات الأزمة السياسية لافتين إلى أن فرنسا تعتبر نفسها معنية مباشرة بالشأن التونسي.

وعلى الرغم من أن بلاغ رئاسة الجمهورية لم يشر إلى تطرق الوزير الفرنسي والسبسي إلى الأزمة السياسية إلا أن التصريحات التي أدلى بها لودريان في أعقاب اللقاء استبطنت تلميحات إلى أن باريس مهتمة بتطورات الأحداث في تونس.

وبرر وزير الخارجية الفرنسي زيارته بأنها تندرج في إطار دعم بلاده للتجربة الديمقراطية في تونس وبحث سبل مزيد التعاون والتشاور بشأن عديد الملفات.

وكشفت الدوائر السياسية المقربة من الرئاسة التونسية أن اللقاء تناول الأوضاع العامة في تونس بما في ذلك طبعا الأزمة السياسية غير أنها رفضت تقديم أي إيضاحات.

ويرى مراقبون أن زيارة المسؤول الفرنسي تأتي في إطار توفير الإسناد الفرنسي ومن ورائه الإسناد الأوروبي للرئيس السبسي باعتباره عنصر توازن سياسي في ظل نسق تصاعدي ما انفكت تتخذه أصوات المعارضة معتبرة السبسي جزء من الأزمة.

ووفق المراقبين تعد الزيارة التي جاءت في وقت دقيق لجهة انسداد أي أفق للأزمة السياسية لتمثل نوعا من رسالة الضغط على الغنوشي مفادها أن باريس مازالت تدعم التجربة الديمقراطية التونسية في إطار الوحدة الوطنية وأنها قلقة من سياسة التعنت التي تنتهجها النهضة في تعاطيها مع المشهد السياسي بالبلاد.

السيسي
ورطة

وقال خليل الرقيق المحلل السياسي "يبدو أن باريس بدأت في مراجعة موقفها من النهضة، إذ كانت لوقت قريب لا تمانع في إشراكها في الحكم وربما ترى أنها تختلف نسبيا عن جماعات الإسلام السياسي وتعد أحد عناصر التوازن السياسي".

ويضيف الرقيق لميدل ايست أونلاين "هناك خطأ في التقييمات سواء تعلق الأمر بباريس أو بتونس إذ أن النهضة أثبتت خلال مختلف الأزمات التي مرت بها البلاد أنها أحد أهم محركاتها وأنها تتوجس من مفهوم الوحدة الوطنية".

وكان الغنوشي لمح في أكثر من مناسبة بأن تكتل القوى الديمقراطية يمثل تهديدا للنهضة وأن جهود الديمقراطيين إنما تستهدف في الأساس تهميش النهضة سياسيا.

وفي ظل تعنت النهضة تتجه أنظار التونسيين إلى أي مبادرة تصدر عن الرئيس السبسي من شأنها أن تكسر شوكة الغنوشي الذي اختار سياسة لي الذراع وخذل الرجل الذي تحالف معه طيلة السنوات الأربع الماضية متحملا العديد من التداعيات وفي مقدمتها غضب العلمانيين عليه.

وبرأي خليل الرقيق فإن "الغنوشي خذل نفسه بنفسه قبل أن يخذل السبسي لأنه "عمق لدى التونسيين أن النهضة باتت من خلال مناوراته تهدد لا فقط المسار الديمقراطي وإنما استقرار البلاد".