الحكومة الفرنسية الجديدة تصمد في أول اختبار لسحب الثقة

مذكرة حجب الثقة عن الحكومة الفرنسية لم تحصل سوى على 197 صوتا.

باريس - أُسقطت مذكرة لحجب الثقة عن الحكومة الفرنسية في الجمعية الوطنية قدّمها ائتلاف اليسار والاشتراكيين والخضر واليسار الراديكالي، إذ اقتصر الدعم لها على 197 صوتا، وهو أدنى بكثير من 289 صوتا لازمة لإطاحة حكومة ميشال بارنييه.

فبعد شهر على تكليف الرئيس إيمانويل ماكرون في مطلع سبتمبر/أيول على نحو مفاجئ بارنييه، اليميني المخضرم البالغ 73 عاما، تشكيل الحكومة، ندّد الأخير بمذكرة حجب الثقة التي رفض اليمين المتطرف دعمها فأسقطت بغالبية كبيرة كما كان متوقعا.

وقدمت الجمعية الوطنية مذكرة بحجب الثقة يدعمها تكتل الجبهة الشعبية الجديدة المؤلف من الاشتراكيين والبيئيين واليسار الراديكالي.

وتصدر هذا الائتلاف نتائج الانتخابات التشريعية المبكرة التي دعا إليها ماكرون الصيف الماضي، دون أن يحصل على غالبية مطلقة.

وتتهم الجبهة منذ ذلك الحين الرئيس بعدم منحها فرصة لتشكيل حكومة، إذ فضل ماكرون الدفع باتجاه ائتلاف حكومي يمينيّ التوجه.

ويتهم نواب تكتل الجبهة الشعبية الجديدة الـ192 الذين قدموا المذكرة بأن حكومة بارنييه "هي من حيث تركيبتها وتوجهاتها، إنكار لنتائج الانتخابات التشريعية الأخيرة".

وكان مستبعدا أن ينجح اليسار في جمع الأصوات الـ289 المطلوبة لتحقيق غالبية مطلقة تسمح له بالإطاحة بالحكومة في الجمعية الوطنية، وهو ما يعتبر بالغ الندرة في فرنسا حيث تحقق آخر مرة عام 1962.

وما أضعف فرص المذكرة أن التجمع الوطني (يمين متطرف) الذي يحظى بأكبر كتلة لحزب منفردا بحصوله على 126 مقعدا، أبلغ أنه لن يساند هذه المبادرة.

وقالت النائبة عن التجمع الوطني لور لافاليت الأسبوع الماضي ساخرة "أعتقد أن الوضع خطير بما يكفي كما هو حتى لا نقدم على حجب الثقة عن هذه الحكومة"، مضيفة أن حزبها يعتزم "منح فرصة" للفريق الجديد.

وبذلك يدشن حزبها موقعه الجديد في الجمعية الوطنية كحكم قادر إلى حد ما على صنع الحكومات وإسقاطها.

ويعارض البعض بارنييه في عزمه على زيادة الضرائب بصورة مؤقتة على الشركات الأعلى أرباحا والفرنسيين الأكثر ثراء، في حين أن مستوى الضرائب حاليا في فرنسا يعتبر من الأعلى بين دول منظمة التعاون والتنمية في الميدان الاقتصادي.

وسيمثل هذا المجهود "الاستثنائي" ثلث مقدار خفض الديون الذي تعتزم الحكومة الجديدة تحقيقه، على أن يأتي "الثلثان" المتبقيان من تخفيض في النفقات العامة، ما يثير هذه المرة غضب اليسار.

وتعتزم حكومة بارنييه تقليص العجز في الميزان العام تدريجيا، في وقت تشير التوقعات إلى أنه قد يتخطى هذه السنة 6 في المئة من الناتج المحلي الإجمالي، ما يزيد بكثير عن سقف 3 الذي يحدده الاتحاد الأوروبي.

وقال بارنييه الثلاثاء الماضي أمام الجمعية الوطنية مبررا قراره إن "السيف الحقيقي المسلط على رؤوسنا هو ديننا المالي الهائل"، محذرا من أنه "إذا لم نتببه للأمر، فسوف يقود بلادنا إلى شفير الهاوية".

وعلى صعيد آخر، أعلن تشديد سياسات الهجرة والاندماج، معتبرا أنها غير مضبوطة حاليا "بصورة مرضية"، وهو ما يندرج في صلب برنامج اليمين المتطرف الفرنسي ويحظى بتأييد قاعدته الانتخابية المتنامية.

من جانبه، حاول وزير المال الفرنسي الجديد أنطوان أرمان إقناع نظرائه الأوروبيين بجدية باريس المالية خلال اجتماع في لوكسمبورغ.

والهدف المعلن للحكومة هو خفض العجز من 6.1 في المئة هذه السنة إلى 5 السنة المقبلة، وصولا إلى ما دون 3 بحلول 2029، بتأخير سنتين عما وعدت به الحكومة السابقة.

وتخطت نسبة الفائدة على قروض فرنسا لعشر سنوات في نهاية سبتمبر/أيلول نسبة إسبانيا في سوق الديون، في سابقة منذ نحو 18 عاما.