الصدر في مواجهة موميكا

لا يملك الصدر القدرة على تحريك غوغائه في السويد في مواجهة غوغاء ديمقراطيي السويد الذين مثلهم سلوان موميكا.

ماذا لو كان سلوان موميكا الذي أحرق في ستكهولم صفحات من القرآن الكريم بعد أن داس عليه مجرد دمية استعملها حزب ديمقراطيي السويد اليميني المهيمن على السلطة هناك لبدء صدام بين الدولة السويدية ومسلمي السويد؟

موميكا ليس أوروبيا. سيُقال دائما إن شابا عراقيا أحرق القرآن. هناك أفلام على اليوتوب تفضح عمليات حرق للقرآن قام بها عراقيون أثناء الحرب الأهلية التي اشتعلت في العراق بين عامي 2006 و2008. كان أولئك العراقيون من أتباع السيد مقتدى الصدر الذي دعا إلى تظاهرات سلمية في محيط السفارة السويدية احتجاجا على ما قام به موميكا.

ولأن السويد كانت قد غسلت يديها من الجريمة قبل أن تقع فإنها لابد أن تعلن عن براءتها مما حدث ولن تتبناه. ليس مهما بالنسبة للإجهزة السويدية أن يكون موميكا مسيحيا من بعشيقة. المهم أنه عراقي والمسألة تتعلق بالعراقيين. ما من حرب صليبية ولا هناك موقف عنصري سويدي من المسلمين المقيمين على أرض المملكة مواطنين ولاجئين. لعبة كان موميكا أداتها. موميكا عضو في حزب ديمقراطيي السويد وهو يرغب في الصعود وقد نراه بعد سنوات قليلة نائبا في البرلمان السويدي.

صحيح أنه دمية غير أنه يفتح من خلال فعلته التي هي مزيج من الكراهية والانحطاط الأخلاقي الطريق لاختراق الحواجز التي تقف أمامه وتفصل بينه وبين السباق إلى القمة الحزبية. وإذا ما كانت الشرطة السويدية قد اتهمته بنشر الكراهية فإن خطاب الحزب الحاكم سيحميه بعد أن وضع المسلمون في السويد أوراقهم الانتخابية في سلة اليمين. كم يبدو المشهد هزليا! ترى لماذا يميل المهاجرون العرب المسلمون إلى أعدائهم؟

من المؤكد أن مقتدى الصدر لا يعرف الكثير من حقائق العيش التي تتعلق بأتباعه في السويد. ما حدث لم يكن إلا محاولة لاستفزاز ذلك الجمهور الذي لا يهتم بمصيره وقد وضعه بين يدي حزب يميني يقوم برنامجه الحكومي على طرد المهاجرين حتى وأن كانوا يحملون الجنسية السويدية. وليس حرق نسخة مطبوعة من كتابهم المقدس إلا مفردة من ذلك البرنامج. "هل نحرق كتابكم المقدس لكي تغادروا البلد بعد أن كشفتم عن سوء مواطنتكم حين وضعتم مصيركم بين يدي حزب يعمل ضدكم؟"

وجد مقتدى الصدر في تفاهة وانحطاط ما قام به موميكا مناسبة لاستعراض شعبيته التي تعرضت للاندثار في العراق. لكنها شعبية لا مكان لها في العلاقات الدولية. فالعراق لم يُطالب عبر قنواته الدبلوماسية باسترداد موميكا كما فعل الصدر. فليست السويد من الدول التي تسلم المقيمين على أراضيها. مشكلة السويد مع تركيا تقع في تلك العقدة التي لا يمكن حلها. لقد ضغطت تركيا على السويد من أجل تسليمها عددا من أعضاء حزب العمال الكردي غير أنها لم تحصل على شيء وكان على الصدر أن يتعلم شيئا ينفعه في المواجهة مع دولة مثل السويد.

ولكن الصدر في حقيقة موقفه انما يقف في مواجهة شاب عراقي متهور وطائش وتافه من بعشيقة وضعه حزبه السويدي في الواجهة من أجل أن ينفذ واحدة من مفردات برنامجه السياسي. وهو برنامج لا يعني السيد الصدر بشيء ولن يبلغه أتباعه عنه شيئا، بالرغم من أنهم سيكونون هدفه. ذلك لأنهم لا يرغبون أبدا في التحرر من نظام الرعاية الاجتماعية. لا أعتقد أن أحدا منهم احتاج إلى رأي فقهي في ما يتعلق بطريقة وأسلوب عيشه في السويد. الصدر نفسه لا يفكر في أحوالهم. غير أنه يفكر في أن ينصروه على موميكا. وذلك لن يحدث. لا يملك الصدر القدرة على تحريك غوغائه في السويد في مواجهة غوغاء ديمقراطيي السويد الذين مثلهم سلوان موميكا.

يبدو موميكا أقوى من الصدر. مظهريا لا أحد يقف وراء موميكا. لا جمهور ولا هتافات ولا شعارات ولا أعلام. لا يملك موميكا سوى أن يمارس فعلا أخرق، هو أتفه من أن يثير الانتباه فيما يملك الصدر جيشا من الغوغاء يُستعمل بيسر في تظاهرات لا تتعلق بالحياة المباشرة. متظاهرو الصدر لا يدافعون عن حقهم في العيش حين يحتجون على فعلة رجل أبله لم توله وسائل الإعلام السويدية أدنى اهتمام. موميكا مجرد لاجئ عراقي. سلعة يتم استهلاكها من خلال استهلاكها محليا. لا أحد في السويد يفكر في الصدر. هناك المهاجرون الذي يخطط حزب ديمقراطيي السويد لطردهم ولن ينجح في ذلك.