تونس تسحب ملف العدالة الانتقالية من سهام بن سدرين

الحكومة التونسية تحيل انتهاكات حقوق الانسان الى القضاء وتضبط معايير جبر الضرر وصرف التعويضات.

تونس ـ سحبت الحكومة التونسية رسميا ملف العدالة الانتقالية من سهام بن سدرين رئيسة هيئة الحقيقة والكرامة في خطوة أولى لتحيل الملفات إلى السلطات القضائية في مرحلة ثانية وذلك تنفيذا لقرار البرلمان القاضي بعدم التمديد في رئاستها للهيئة. 
وقال بيان مشترك صدر الخميس وحمل توقيع كل من مهدي بن غربية وزير العلاقة مع الهيئات الدستورية والمجتمع المدني وحقوق الإنسان بوصفه ممثلا عن الحكومة وسهام بن سدرين إنه تم الاتفاق على إحالة مختلف الملفات إلى القضاء.
وكان يوسف الشاهد رئيس الحكومة وجه منذ يومين فقط رسالة إلى بن سدرين أعلمها من خلالها بوجوب إنهاء أشغال الهيئة قبل نهاية مايو/ايار وتسليم  العهدة المالية والملفات إلى الأرشيف الوطني وذلك تنفيذا لقرار البرلمان.
ورأى مراقبون في القرار المشترك بين الحكومة وبن سدرين تصحيحا لمسار العدالة الانتقالية بعد أن حولت وجهته بن سدرين إلى ملف لبث والكراهية بين التونسيين.
وطيلة فترة رئاستها للهيئة حظيت بن سدرين بغطاء سياسي قوي من قبل حركة النهضة الإسلامية رغم اتهام 30 مؤرخا تونسيا لها بسعيها إلى إعادة كتابة تاريخ تونس. 
وتجاهر النهضة بأن من كتبوا التاريخ التونسي الحديث محسوبون على التيار العلماني الذي قاده الزعيم الحبيب بورقيبة وأنهم لم ينصفوا دور عدد من شيوخ جامع الزيتونة في مسارات الحركة الوطنية التي تزعمتها نخبة تتبنى الثقافة السياسية المدنية.
وقال البيان المشترك إنه وقع الاتفاق على قرار يقضي بإحالة الملفات المتعلقة بالانتهاكات الجسيمة لحقوق الانسان الى الدوائر القضائية المتخصصة وضبط المعايير اللازمة لجبر الضرر للضحايا وتحديد طرق صرف التعويضات.
وجاء في البيان ان القرار المشترك يقضي بأن الوزارة والهيئة بصدد التنسيق من أجل إنجاح منظومة العدالة الانتقالية وتواصلها بما في ذلك الأعمال الختامية للهيئة وإجراءات التسليم والتسلّم وهو ما سيتيح للحكومة أفضل الظروف لتنفيذ الالتزامات المحمولة عليها، حتى تتمكن من الاضطلاع بمختلف الالتزامات في مجالات العدالة الانتقالية.
وواجهت بن سدرين انتقادات لاذعة من الحكومة وأعضاء البرلمان وقوى سياسية ومدنية متهمة إياها بتحويل مسار العدالة الانتقالية من خيار للوصول إلى مصالحة وطنية شاملة إلى ملف للتشفي والافتراء والتشكيك في التاريخ الوطني بما في ذلك التشكيك في أن تونس حصلت على استقلالها بالكامل.
وقال البيان إن الحكومة بصدد التنسيق من أجل إنجاح منظومة العدالة الانتقالية وتواصلها بما في ذلك الأعمال الختامية للهيئة وإجراءات تسليم وتسلم الملفات، مشددا على أن ذلك من شأنه أن "يتيح للحكومة أفضل الظروف لتنفيذ الالتزامات المحمولة عليها وحتى تتمكن من الاضطلاع بمختلف الالتزامات في مجال العدالة الانتقالية".
وفي أعقاب التوقيع على البيان المشترك شدد مهدي بن غربية في تصريح لإذاعة موزاييك المحلية على أن "الاتفاق الذي تم توقيعه يذكر بالمقتضيات القانونية وبقرار مجلس نواب الشعب الذي ينص على أن هيئة الحقيقة والكرامة تنتهي أعمالها في 31 مايو 2018، وهو ما يبقى ساريا، كما أن ميزانية الهيئة تنتهي بهذا التاريخ.
ولفت بن غربية إلى وجود "إجراءات يجب أن تستكمل مع الهيئة منها إحالة الملفات إلى الأرشيف الوطني ومد الرئاسات الثلاث بالتقرير الختامي" مشيرا الى أن عمل الهيئة ينتهي مع انتهاء إجراءات التسليم والتسلم التي ستتم بتفاهم للحفاظ على مسار العدالة الانتقالية.
وفي رد بشأن الجدل الذي أثاره قرار البرلمان بعدم التمديد في عمل ما أصبح يعرف في تونس بـ"هيئة بن سدرين" أكد بن غربية أن الحكومة تريد لمسار العدالة الانتقالية أن يتواصل، وأن تحال الملفات على القضاء ويتم جبر أضرار الضحايا.
وفيما ذهب بن غربية إلى التلميح إلى أن الاتفاق المشترك يعد انتصارا للحكومة من شأنه أن يقود إلى تصحيح مسار العدالة الانتقالية، أقر خالد الكريشي رئيس لجنة التحكيم والمصالحة بهيئة الحقيقة والكرامة لإذاعة موزاييك بان "الاتفاقية لا يمكن اعتبارها انتصارا للهيئة، لأنّ الهيئة ليست في حرب مع مؤسسات الدولة". واضاف ''لسنا في أزمة مع الحكومة والبرلمان، الامر يتعلق فقط بسوء فهم لفصول العدالة الانتقالية".