جونسون يأبى المغادرة رغم تنامي دعوات الاستقالة

ما زال وزراء كبار آخرون في الحكومة البريطانية بينهم وزيرة الخارجية ليز تراس ووزير الدفاع بن والاس، يدعمون جونسون علنا، لكن كثيرين منهم يتساءلون إلى متى يمكن أن يستمر هذا الوضع.
وفد وزاري يتّجه لدعوة جونسون للاستقالة
جونسون يتمسك بمنصبه ولا يرى حاجة لانتخابات مبكرة
سلطة جونسون تتلاشى على وقع استقالات وفضائح

لندن - قال رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون اليوم الأربعاء إنه لن يستقيل، مضيفا أمام لجنة برلمانية عندما طُلب منه تأكيد أنه لن يسعى للدعوة إلى انتخابات بدلا من الاستقالة إذا خسر تصويتا بالثقة "لن أستقيل وآخر شيء تحتاجه هذه الدولة بصراحة هو إجراء انتخابات".

وجاءت تصريحاته بينما يتوقع بأن يبلغ كبار الوزراء البريطانيين جونسون الأربعاء بأن عليه التنحي من منصبه، وفق ما ذكرت وسائل إعلامية بريطانية، بعد موجة استقالات من حكومته على وقع سلسلة فضائح.

وينتظر وفد عودته من جلسة استجواب أمام لجنة برلمانية تستمر لساعتين لإبلاغه بأن الوقت حان لاستقالته، وفق ما أفادت شبكات من بينها "بي بي سي" و"سكاي نيوز" دون أن تأتي على ذكر مصادرها.

ويبدو أن قبضة رئيس الوزراء البالغ 58 عاما على السلطة تتراخى منذ ليل الثلاثاء بعدما استقال ريشي سوناك من منصب وزير المال وساجد جاويد من منصب وزير الصحة بفارق عشر دقائق بعدما سئما من سلسلة الفضائح التي تهز الحكومة منذ أشهر.

وخلال جلسة مساءلة رئيس الحكومة الأسبوعية في البرلمان، ضيّق النواب من مختلف التوجّهات الخناق على جونسون، لكنه تجاهل أمام اللجنة البرلمانية وخلال جلسة مساءلة سابقة أمام النواب في البرلمان الدعوات للاستقالة.

وقال للجنة لدى سؤاله عن الوفد الحكومي "لن أقدّم تعليقا مباشرا على الأحداث السياسية.. سنمضي قدما مع حكومة البلاد".

وأضاف "ما نحتاجه هو حكومة مستقرة يحب أعضاؤها بعضهم بعضا كمحافظين تتحرّك لتنفيذ أولوياتنا، هذا ما علينا القيام به".

وفي وقت سابق، حض جاويد باقي الوزراء على الاستقالة قائلا "المشكلة تبدأ من أعلى الهرم وأعتقد أنه لن يتغيّر.. يعني ذلك أن على أولئك الذين يتولون هذا المنصب ويتحملون المسؤولية، إحداث هذا التغيير". وبعد الخطاب، هتف النواب "وداعا بوريس".

وجاءت الاستقالة المفاجئة لوزيري الصحة والمال بعد دقائق من اعتذار رئيس الوزراء على تعيين المحافظ كريس بينشر الذي استقال من منصبه الأسبوع الماضي بعدما اتّهم بالتحرّش برجلين بينما كان ثملا.

وتم على الفور تسليم حقيبة المال لوزير التعليم السابق ناظم الزهاوي الذي أقر بصعوبة المهمة الملقاة على عاتقه. وقال لـ"سكاي نيوز" "لا يمكنك تولي هذه الوظيفة والاستمتاع بحياة سهلة".

وأعقبت استقالة بينشر من منصب مساعد المسؤول عن الانضباط البرلماني للنواب المحافظين سلسلة تبريرات متضاربة. وفي البداية، نفى داونينغ ستريت بأن جونسون كان على علم بالتهم السابقة لبينشر عندما عينه في فبراير/شباط.

لكن بحلول الثلاثاء، انهارت هذه الحجة بعدما قال موظف حكومي رفيع سابق إن جونسون أُبلغ عندما كان وزيرا للخارجية عام 2019 بحادثة أخرى مرتبطة بحليفه بينشر.

واستقال وزير الدولة لشؤون الأطفال والعائلات ويل كوينس في وقت مبكر الأربعاء، قائلا إنه لا يملك "خيارا" آخر بعدما نقل "بحسن نية" معلومات إلى وسائل الإعلام الاثنين حصل عليها من مكتب رئيس الوزراء "وتبين أنها غير صحيحة".

وأكد أندرو بريدجن، عضو البرلمان عن حزب المحافظين وأحد أشد منتقدي جونسون، لشبكة "سكاي نيوز" أن قضية بينشر كانت "القشة التي قصمت ظهر البعير" بالنسبة لكثيرين، مضيفا "أنا والكثير من أعضاء الحزب مصممون الآن على رحيله بحلول العطلة الصيفية التي تبدأ في 22 يوليو/تموز".

وما زال وزراء كبار آخرون في الحكومة بينهم وزيرة الخارجية ليز تراس ووزير الدفاع بن والاس، يدعمون جونسون علنا، لكن كثيرين منهم يتساءلون إلى متى يمكن أن يستمر هذا الوضع.

وكشف استطلاع سريع لـ"سافانتا كومريس الأربعاء أن ثلاثة من كل خمسة ناخبين محافظين يرون أنه لم يعد بإمكان جونسون استعادة ثقة الشعب، بينما يعتقد 72 بالمئة أن عليه الاستقالة.

ونجا جونسون بفارق ضئيل في تصويت لسحب الثقة أجراه النواب المحافظون قبل شهر، ما يعني حسب العرف أنه لن يتعرّض لتحد جديد من هذا النوع قبل عام.

لكن "لجنة 1922" النافذة والتي تضم نوابا محافظين لا يملكون حقائب وزارية تسعى لتغيير هذه القاعدة، بحسب ما أفادت تقارير إعلامية، بينما يتوقع بأن تعقد لجنتها التنفيذية اجتماعا في وقت لاحق الأربعاء.

ووصف عضو حزب المحافظين جايكوب ريس-موغ الداعم لجونسون والذي يتولى منصب "وزير فرص بريكست" الاستقالات بأنهما مجرّد "صعوبات داخلية صغيرة" تواجه الحكومة.

وتعد استقالة سوناك على وجه الخصوص نبأ سيئا بالنسبة لجونسون في ظل خلافات سياسية بشأن ملف ارتفاع تكاليف المعيشة في بريطانيا.

ويخضع رئيس الوزراء الذي غرّمته الشرطة على خلفية ما باتت تعرف بفضيحة "بارتي غيت" إلى تحقيق برلماني لتحديد إن كان كذب على النواب بشأن هذه القضية.

وتذكّر استقالة بينشر من منصبه والتي تتوازى مع اتهامات للنواب المحافظين بسوء السلوك الجنسي، بالفضائح التي هزت حكومة جون ميجر في تسعينات القرن الماضي.

واستقال النائب نيل باريش في أبريل/نيسان بعدما ضُبط وهو يشاهد أفلاما إباحية على هاتفه المحمول في مجلس العموم.

وأدى الأمر إلى إجراء انتخابات تكميلية لشغل مقعده الذي لطالما ظفر به المحافظون في السابق، ليخسره الحزب في انتصار تاريخي للحزب الليبرالي الديمقراطي.

وهزم حزب العمال المعارض، المحافظين في انتخابات تكميلية أخرى نُظّمت في شمال انكلترا في اليوم ذاته، نتيجة إدانة النائب المحافظ عن المنطقة باعتداء جنسي.