عزيزي إيران

في كل ركن في إيران اليوم، ثمة يائس مستعد لإحراق نفسه.
"عزيزي إيران" بعث رسالة الى الإنسانية وليس الى شعبه فقط
مشهد عزيزي تونس يتكرر ولكن بصورة أكثر مأساوية في إيران

عندما قام البائع المتجول الايراني بإضرام النار في نفسه في مدينة خرم آباد بعد أن صادرت الشرطة والبلدية السلع التي كان يعرضها للبيع في الشارع، فإنه قد عبر باسلوب وطريقة مأساوية عن واقع الحياة في إيران بعد أكثر من أربعة عقود من حكم نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية الذي جعل الحياة في ظله جحيما لا يطاق وجعل من إيران سجنا في عصر الثورة المعلوماتية والتقدم العلمي غير المسبوق.

عندما يقوم النظام الايراني بمناورات ويطلق صواريخه يمنة ويسرة، ويرسل صواريخهم البالستية لأذرعه في بلدان المنطقة لإستخدامها في زعزعة أمن وإستقرار البلدان، وحينما يقوم هذا النظام بالاصرار بتطوير برنامجه النووي الذي كلف ثمانية أضعاف ما قد كلفته الحرب الايرانية ـ العراقية من أضرار بحسب خبراء النظام ذاته، فعندئذ لابد من أن نرى مشهد "عزيزي تونس" يتكرر ولكن بصورة أكثر مأساوية في إيران التي يموت ويحيا شعبها منذ أن حل نظام الملالي ككابوس على رٶوسهم على أمل أن يشهدوا اليوم الذي يروا فيه هذا النظام يتداعى ويسقط كما حصل مع سلفهم نظام الشاه.

عزيزي إيران وإن كان من حيث المضمون يتشابه مع عزيزي تونس، لكنه وفي نفس الوقت يختلف كثيرا عن الأخير. ذلك إن عزيزي تونس لم يكن في الامكان القول بأن الشعب التونسي كلهم مثله، لكن عزيزي إيران صورة معبرة عن أغلبية الشعب الايراني الذي باتت المشاهد البائسة والمؤلمة تتكرر باستمرار نظير بيع الاطفال وأعضاء الجسد من أجل مواصلة الحياة والعيش في المقابر وفي بيوت من الورق المقوى والبحث في المزابل عن الطعام أو التهافت على الاطعمة والمواد الغذائية التي صارت غير صالحة للإستهلاك، عزيزي إيران تجده في كل مكان في سائر أرجاء إيران وفي الوقت الذي ينعم فيه أقطاب النظام الكهنوتي في عز ونعيم ويرسلون أبنائهم للدراسة والعيش في عواصم البلدان المتقدمة، فإن عزيزي إيران قد قام بإرسال رسالة للإنسانية وليس لشعبه موقعة بالنار، ذلك إن شعبه يحترق وبإستمرار منذ ذلك اليوم الاسود الذي وصل فيه الخميني الى إيران.

مشهد إضرام عزيزي إيران النار في نفسه وسعي المارة من أجل إطفاء النار بعدما اندلعت في كل أجزاء جسده، يأتي في وقت تشهد فيه مختلف مدن إيران إحتجاجات وإضرابات بسبب الاوضاع الوخيمة التي يعانون منها بسبب السياسات التي يتبعها نظام الملالي والتي تخدم أهدافه وغاياته الخاصة التي لا ولم ولن تعبر عن الشعب الايراني، ومن دون شك فإن هذا المشهد الاليم يمكن اعتباره بمثابة الشرارة التي تم رميها في الهشيم وحتى يمكن القول بأن اليوم الذي سنصحو فيه لنجد هذا النظام يحترق بنار ظلمه قد أصبح قريبا.. أليس الصبح بقريب!