عون ينهي عهدة رئاسية مضطربة بـ'انجاز' يخدم حزب الله

الرئيس اللبناني يعلن موافقة بلاده على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل مبديا حماسة كبيرة لاتفاق وصفه بـ"الانجاز التاريخي" يأتي بينما يغادر منصبه بعد ست سنوات عجاف سياسيا واقتصاديا.

بيروت - أعلن الرئيس اللبناني ميشال عون اليوم الخميس، موافقة بلاده على اتفاق ترسيم الحدود البحرية مع إسرائيل، مبديا حماسة كبيرة لهذا الاتفاق الذي يأتي في الأسابيع الأخيرة من ولايته الرئاسية وواصفا إياه بأنه "انجاز تاريخي"، معبرا عن أمله في أن يمكن لبنان من استثمار موارده الطبيعية.

وشكل الاتفاق في توقيته نصرا لحزب الله الذي ضغط بشدة عبر تهديدات متكررة، بينما تقول الحكومة الإسرائيلية إن الاتفاق جنب إسرائيل ولبنان مواجهة محتملة، في حين اعتبره زعيم المعارضة بنيامين نتنياهو رضوخا مذلا للجماعة الشيعية اللبنانية المدعومة من إيران.

وبحث عون على الأرجح خلال الأشهر الأخيرة عن انجاز ينهي به 6 سنوات من حكم اتسم بتقلبات وانقسامات سياسية وضعت البلاد على حافة الانهيار سياسيا واقتصاديا ولا تزال تداعياتها مستمرة، فيما يبدو حليفه حزب الله أكبر المستفيدين من سنوات حكمه بعد تحالف مصالح عمق أزمة لبنان.

وقال عون في كلمة وجهها إلى اللبنانيين "بعد التشاور مع رئيس مجلس النواب ورئيس الحكومة وبصفتي رئيس الدولة، وبعد إبلاغي من الرئيس الأميركي جو بايدن موافقة إسرائيل، وبعد إعلان الحكومة الإسرائيلية موافقتها، أعلن موقف لبنان بالموافقة على اعتماد الصيغة النهائية التي أعدها الوسيط الأميركي لترسيم الحدود البحرية الجنوبية" مع إسرائيل.

واعتبر أن "من حق لبنان أن يعتبر أن ما تحقق هو إنجاز تاريخي لأننا تمكنا من استعادة مساحة 860 كيلومترا مربعا كانت موضع نزاع ولم يتنازل لبنان عن أي كيلومتر واحد لإسرائيل. كما استحصلنا على كامل حقل قانا من دون أي تعويض يدفع من قبلنا على الرغم من عدم وجود كامل الحقل في مياهنا".

وشدد عون على أن "الاتفاقية غير المباشرة تتجاوب مع المطالب اللبنانية وتحفظ حقوقنا كاملة"، مؤكدا عدم تقديم لبنان "أي تنازلات جوهرية وعدم دخوله في أي نوع من أنواع التطبيع المرفوض" مع إسرائيل.

وتسارعت منذ بداية يونيو/حزيران التطوّرات المرتبطة بالملفّ بعد توقف لأشهر جراء خلافات حول مساحة المنطقة المتنازع عليها. وبعد لقاءات واتصالات مكوكية بين الطرفين، قدم الوسيط الأميركي آموس هوكستين مطلع الأسبوع عرضه الأخير.

وجاء إعلان عون بعد يوم من مصادقة الحكومة الإسرائيلية على الاتفاق، غداة وصف رئيسها يائير لابيد الاتفاق بأنه "تاريخي".

واعتبر لابيد الأربعاء، بعد مصادقة حكومته على الاتفاق، أنه "يبعد إمكان اندلاع مواجهات مسلحة مع حزب الله"، العدو اللدود لإسرائيل، الذي كان هدد خلال الأسابيع الأخيرة بتصعيد عسكري، وحذر إسرائيل من الإقدام على أي نشاط في المنطقة المتنازع عليها، قبل التوصل إلى اتفاق.

وبحسب نص الاتفاق سيدخل حيز التنفيذ عندما ترسل الولايات المتحدة "إشعارا يتضمن تأكيدا على موافقة كل من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في الاتفاق".

ويجدر على كل طرف أن يقدم رسالة تتضمن قائمة بالإحداثيات الجغرافية المتعلقة بترسيم الخط البحري إلى الأمم المتحدة، لتحل مكان تلك التي أرسلتها الدولتان في العام 2011.

وتعوّل السلطات اللبنانية على وجود ثروات طبيعية من شأنها أن تساعد البلاد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ ثلاث سنوات، وصنّفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ العام 1850. وقد بات أكثر من 80 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة من قيمتها أمام الدولار.

وعبر عون في كلمته عن أمله في أن "تكون نهاية هذه المفاوضات بداية واعدة تضع الحجر الأساس لنهوض اقتصادي يحتاجه لبنان من خلال استكمال التنقيب عن النفط والغاز، ما يحقّـق استقرارا وأمانا وإنماء يحتاج إليها وطننا لبنان".

وبعد الانتهاء من مسار التفاوض الشاق مع إسرائيل، اعتبر عون أن "الخطوة التالية يجب أن تكون التوجه إلى عقد محادثات مع سوريا لحل أزمة المنطقة المتنازع عليها معها وهي تزيد عن 900 كيلومتر مربع"، مضيفا "كذلك تنبغي مراجعة الحدود المرسومة مع قبرص وتقرير ما يتوجب القيام به مستقبلا".

ويشكّل عدم ترسيم الحدود اللبنانية مع سوريا معضلة رئيسية. وتقع رقعتان في المياه اللبنانية (رقم 1 و2)، مقابل رقعتين سوريتين. ورفضت سوريا مرارا ترسيم الحدود البرية والبحرية مع لبنان.

وبدا لبنان متأخرا جدا عن جهود إسرائيل التي تستثمر منذ سنوات في حقل كاريش وتتوقع بدء استخراج الغاز منه في غضون أسابيع. وبدأت قبرص ومصر كذلك في استكشاف حقول رئيسية.

وقال آموس هوكشتاين الوسيط الأميركي الذي تفاوض على اتفاقية حدودية بحرية بين الخصمين القديمين إسرائيل ولبنان، إنه يأمل أن يبدأ كونسورتيوم من الشركات العمل في المياه اللبنانية "في غضون أسابيع".

وعبر عن أمله في أن تبدأ توتال إنرجيز وإيني التنقيب عن الغاز في الكتل البحرية اللبنانية خلال هذا الإطار الزمني. وشمل الكونسورتيوم الأصلي الذي فاز بحقوق الاستكشاف هناك أيضا شركة نوفاتك الروسية، لكنها انسحبت الشهر الماضي.