قضية فلسطين بسعر السوق وتقلباته!

لا يتوقف النظام الإيراني عن تقديم نفسه على أنه الوحيد الذي يتصدى لإسرائيل في حين يبقي خيوط الرجعة ممتدة إليها.

عندما ينتقد المرشد الاعلى الايراني علي خامنئي، الزعيم المصري الراحل جمال عبدالناصر، بصورة لاذعة مٶكدا "أن إيران لم تدعُ إلى رمي اليهود في البحر كما فعل ناصر"، فمن المهم أن لا يفسر البعض هذا الموقف على إنه تراجع أو ضعف من نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية أمام الدولة العبرية وإنه مضطر لذلك. فهذا خطأ مبين لأن هذا النظام لم يكن في الاساس ينوي المساس بإسرائيل وأبقى دائما على خيوط (وليس خيط) الرجعة معها.

عندما يلمز خامنئي بذكرى عبدالناصر وموقفه الداعي لإلقاء اليهود في البحر، فإنه يتناسى أو بالاحرى يتجاهل عن قصد بأن نظامه قد طرح شعارات تدعو لمحو إسرائيل من الخارطة ووصلت الى حد إنكار المحرقة في عهد الرئيس السابق أحمدي نجاد. لكن المهم هنا والذي يجب أن نأخذه بنظر الاعتبار بغض النظر عن الاخطاء التي وقعت في عهد عبدالناصر، هو إن الاخير كان جادا فعلا فيما يقول ولم يستخدم ذلك كشعار سياسي "نظري" من أجل تحقيق أهداف محددة أهمها كسب عطف وتأييد ودعم الشارعين العربي والاسلامي.

حرب صيف 2006، أو بالاحرى المغامرة المجنونة الطائشة التي قام بها حزب الله اللبناني بدفع من طهران، كانت من أجل تحريك للأجواء لأجل التصيد في أجوائها وتحقيق الاهداف حيث كان أهم هدف هو جعل النظام الرسمي العربي تحت دائرة المسائلة واعتباره مقصرا بحق القضية الفلسطينية في حين إن حزب الله اللبناني قد قام بذلك. ولاشك بأن العالم كله يعرف بأن هذا الحزب ليس سوى دمية إيرانية موجهة بالريموت كونترول من طهران، وإن تهويل أمره بهذه الصورة هو من أجل تحقيق هدفين هما:

ـ طرح هذا الحزب ونهجه كبديل للنظام الرسمي العربي.

ـ لفت الانظار الى النظام الايراني باعتباره المتصدي الحقيقي والوحيد لإسرائيل.

لا جديد في هذا الموقف إطلاقا سوى إنه قد يساهم في إعادة البعض من المنبهرين بمواقف هذا النظام بشأن القضية الفلسطينية الى جادة الحق ويدفعهم للابتعاد عنه، خصوصا وإنه من أجل إستمراره وبقائه للمساومة بكل"الامور والقضايا الخارجية"كما أكد ذلك مصطفى هاشمي طبا عضو مجمع تشخيص مصلحة النظام الإيراني، عندما أكد قبل بضعة أيام: "في الوقت الحاضر ليس لدينا مشكلة الاتفاق النووي ولا السياسة الخارجية لأن كل الحالات قابلة للتغيير ولكن الأمر الذي لا يمكن تغييره والأمر الذي يقود البلاد الى الهلاك هو مشكلة شح المياه واذا لم يتم معالجته فان ايران تدمر وكذلك الجمهورية الاسلامية." وبطبيعة الحال فإن القضية الفلسطينية، هي بالضرورة من ضمن السياسة الخارجية للنظام، وهذا يعني بأنها وكما أكد خامنئي وهاشمي طابا من بعد، قضية قابلة للمساومة بسعر السوق وتقلباته!