مخاوف أوروبية من تزايد الهجمات الإرهابية على وقع حرب غزة

مسؤول أمني بريطاني يرجح أن تصبح الحرب في غزة أكبر عملية استقطاب للمتشددين الإسلاميين منذ حرب العراق.

لندن/برلين - يتوقع مسؤولو أمن أوروبيون تزايد التهديدات بوقوع هجمات ينفذها إسلاميون أصبحوا متشددين بسبب الحرب بين إسرائيل والفلسطينيين، مرجحين أن يمثل "الذئاب المنفردة" الذين يصعب رصدهم الخطر الأكبر.

وقال أكثر من عشرة مسؤولين في المخابرات والشرطة في خمس دول أوروبية من بينها بريطانيا وألمانيا وفرنسا لرويترز إنهم يعززون مراقبة المتشددين الإسلاميين.

وسيضع هذا عبئا إضافيا على الموارد المرهقة بالفعل من التعامل مع تهديدات مأخوذة في الحسبان من روسيا والصين وإيران وهو ما وصفه مارك رولي قائد شرطة لندن بأنه "مجموعة من التهديدات الأكثر تحديا التي يشهدها على الإطلاق".

ورجح مسؤول أمني بريطاني أن تصبح الحرب في غزة أكبر عملية استقطاب للمتشددين الإسلاميين منذ حرب العراق عام 2003 وأن الدعوات لشن هجمات على أهداف يهودية وغربية تزايدت في أوروبا، قائلا "ستكون هناك ردود فعل مضادة سنشعر بها لسنوات".

وقال مصدر ألماني مطلع على معلومات من أجهزة مخابرات إن التهديدات التي تحيط بالمدنيين هي الأعلى في تاريخ ألمانيا الحديث في ظل المخاطر التي يمثلها متشددون إسلاميون وجماعات يمينية متطرفة وروسيا.

وأودى هجومان نفذهما متشددون إسلاميون في فرنسا وبلجيكا الشهر الماضي بحياة ثلاثة أشخاص ورفعت هاتان الدولتان بالإضافة إلى النمسا وسلوفينيا والبوسنة والهرسك مستويات التأهب ضد التهديدات الإرهابية. وأعادت إيطاليا فرض قيود على الحدود مع سلوفينيا مشيرة إلى خطر دخول مسلحين إلى البلاد.

وارتفعت الوفيات الناجمة عن هجمات لإسلاميين في أوروبا بين عامي 2004 و2006 أذكاها تنظيم القاعدة وبلغت ذروتها مرة ثانية بين عامي 2015 و2018 مستلهمة نهج تنظيم الدولة الإسلامية.

وقال المسؤول البريطاني "ستكون هناك ردود فعل مضادة سنشعر بها لسنوات" ومن المرجح أن يبدو التهديد الذي يواجه أوروبا الآن مختلفا جدا.

واستقطب تنظيما الدولة الإسلامية والقاعدة آلاف المقاتلين الأجانب ولديهما القدرة على التخطيط لهجمات منسقة ومتزامنة في أوروبا من جيوب آمنة نسبيا في العراق وأفغانستان وسوريا.

ويقول مسؤولو الأمن إن الخطر الرئيسي الذي يواجه أوروبا ربما يكون من الهجمات التي ينفذها "الذئاب المنفردة" وهم مهاجمون متشددون ينشطون غالبا على الإنترنت وليس لديهم صلات رسمية بتنظيمات تأسست بالفعل.

وتتوقف شدة التهديد الأمني على مدى استمرار إسرائيل في هجومها على غزة الذي شنته ردا على هجوم حماس ومدى الأضرار التي تلحق بالقطاع. ورغم دخول الهدنة حيز التنفيذ في غزة إلا أن الجانبين أكدا أن الحرب لم تنته بعد.

وقال يوخن كوبلكه الذي يرأس أكبر اتحاد للشرطة في ألمانيا إن أفراد الأمن يحذرون المشتبه في أنهم متشددون بأنهم تحت المراقبة وينفذون مداهمات، لكن التهديد الرئيسي يتمثل في الأشخاص الذين "يعتقدون في أفكار ويتصرفون بمفردهم على أساسها".

وأضاف أن "ارتكاب هؤلاء الأشخاص جرائم مسألة وقت فحسب... الأمر لا يتعلق دائما بحيازتهم لقنبلة. قد يدهسون جمعا من الناس بسيارة أو يشنون هجوما بسكين".

وقال كوبلكه إن أسواق عيد الميلاد التي سيتم افتتاحها قريبا ستكون أهدافا محتملة. وأدى هجوم على سوق عيد ميلاد في برلين عام 2016 إلى مقتل 12 شخصا.

ويشعر كثير من المسلمين بالغضب من ضراوة الهجوم الإسرائيلي ويقول بعضهم إنه كان يجب على الحكومات الأوروبية بذل جهد أكبر لكبح جماح إسرائيل.

وقال بيتر كنوبه، النائب السابق لمدير السياسات للمنسق الوطني الهولندي لمكافحة الإرهاب إن مسؤولي مكافحة الإرهاب الأوروبيين وجدوا بعد هجمات 11 سبتمبر/أيلول 2001 على الولايات المتحدة أن أفضل وسيلة لوقف الهجمات هي مزيج من القوة العسكرية مع العمل الوقائي بناء على فهم الدوافع والمظالم.

وأضاف أن زيارات زعماء بريطانيا وفرنسا وألمانيا لإسرائيل الشهر الماضي أثارت غضب بعض المسلمين وأيضا نبرة الخطاب التي استخدمها الزعماء الأوروبيون.

وقال كنوبه "النتيجة هي أن ذلك سيخلق شعور "نحن وهم" عند مجتمعات المسلمين. وكأننا لم نتعلم شيئا... أشعر بقلق شديد حين أرى الاستقطاب واللغة المستخدمة".

ويقول زعماء مسلمون في أوروبا إن هناك زيادة في الهجمات على المسلمين والمساجد منذ هجوم حماس ويتحدثون عن مناخ الخوف مع انتشار المعلومات المضللة عبر الإنترنت.

وقالت إيمان عطا مديرة مجموعة (تل ماما) أو "أخبر أمي" وهي مجموعة للمسلمين البريطانيين ترصد الهجمات المعادية للمسلمين "لم أر قط مثل هذه الدرجة من الاستقطاب في مجتمعنا".

وقال الألماني كوبلكه إن شبكة من السلفيين الإسلاميين عادت إلى الظهور وظهرت مجموعة جديدة من المؤثرين المؤيدين لحماس على إنستجرام وتيك توك.

ودعت زمرة من جماعات متشددة مثل تنظيم الدولة الإسلامية والقاعدة إلى شن هجمات في الغرب والعنف ضد اليهود رغم أن مسؤولي مخابرات يقولون إن التهديد الذي يمثله التنظيمان انحسر بشكل عام.

وقالت وكالة الشرطة الأوروبية (يوروبول) إن اثنين فقط من 16 "هجوما إرهابيا" في الاتحاد الأوروبي العام الماضي نفذهما "جهاديون" نسب 13 منها إلى أشخاص ينتمون لجماعات يسارية وفوضوية، فيما نفذ شخص ينتمي لجماعة يمينية هجوما واحدا.

وقال توماس رينارد مدير المركز الدولي لمكافحة الإرهاب وهو مركز بحثي إن "ما نواجهه الآن هو تهديد أكثر انتشارا وتنوعا"، مضيفا أن "هناك المزيد من التطرف الذي يحدث عبر الإنترنت مقارنة بأماكن مثل المساجد".