هشيم مصفر ينتظر الشرارة

النظام الإيراني أمام تحديين مصيريين: ماذا سيفعل بالاتفاق النووي، وماذا سيفعل بالتحدي الشعبي الداخلي؟

على الرغم من إن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية قد تراجع عن موقفه المتشدد ووافق على زيارة المفتشيين الدوليين لموقع تساي في كرج، لكن لا يبدو إن الامور قد عادت الى طبيعتها في محادثات فيينا وإن الطريق بات مفتوحا من أجل تحقيق تقدم بإتجاه التوصل لاتفاق نووي، لكن تحديده لشروط غير واقعية بعد عودته من الجولة السابعة، الى جانب قيامه بمناورة دفاعية فوق محطة بوشهر للطاقة النووية، تلتها اخرى صاروخية في الخليج، مما يعني العودة إلى المربع الأول وإن الامور ليست على ما يرام بالمرة.

قادة ومسٶولو النظام الايراني يلعبون معا لعبة مثيرة للسخرية تماما، فهم من جهة يٶكدون على العودة للاتفاق النووي، ومن جهة أخرى يضعون بأنفسهم عراقيل وتعقيدات تجعل من ذلك غير ممكنا، وإن التأكيدات الصادرة من جانب أنتوني بلينكن بخصوص إن: "فرصة التوصل إلى اتفاق مع النظام الإيراني قصيرة جدا جدا" وكذلك ما قد أشار إليه روبرت مالي إلى ان هذه "الفرصـة قصيرة جدا جدا" ولا تتعدى الاسابيع القليلة و"لن يكون هناك المزيد من الاتفاق النووي بعد ذلك". كما إن إنريكي مورا شدد من جانبه على أن النقاش لا يدور حتى حول بضعة أشهر، بل أسابيع قليلة، مما ينهي احتمالات وإمكانية اللعب على العامل الزمني من جانب النظام الايراني.

ويبدو واضحا جدا إن النظام الايراني سيكون أمام خيارين أحدهما سيٶدي به الى مصير مجهول من خلال التراجع اللامتناهي، أما الخيار الآخر فإنه يتمثل في إحالة قضية النظام إلى مجلس الأمن، تشديد العقوبات الصارمة، والخضوع للفصل السابع من ميثاق الأمم المتحدة، والعزلة السياسية، والهجوم العسكري لتدمير المنشآت النووية والصاروخية. وكل هذا يبين بأن كل ما يقوم به هذا النظام ولاسيما من بعد تنصيب ابراهيم رئيسي، ليس لم تقدم للنظام من أي مكسب أو تحقق له أي تقدم في صالحه وإنما حتى جعلت المستقبل يبدو أكثر غموضا من السابق ومصيره مجهولا.

في ضوء الاوضاع الداخلية الصعبة وتزايد التحركات الاحتجاجية وإمكانية اندلاع انتفاضة عارمة وكذلك العزلة الدولية التي يعاني منها هذا النظام الامرين، فإن ما قد قام ويقوم به على صعيد المفاوضات النووية في فيينا، وما يمكن أن يٶدي الى نتائج في غير صالحه، ستنعكس عليه وبالا وحتى إنها قد تكون بمثابة الشرارة التي تشعل النار في الهشيم، ولاسيما وإن كل ما يظهەر في المشهد الايراني حاليا أشبه بهشيم مصفر ينتظر الشرارة!