قم، مشهد، كربلاء: الموت للولي الفقيه!

إعتمد نظام ولاية الفقيه في إيران من الاساس على ركائز دينية بحتة كانت ولا زالت محل وموضع إختلاف ليس لدى علماء مذهب أهل السنة فقط وانما حتى لدى علماء المذ‌هب الشيعي، ولوجود ثغرات في هذه النظرية وعدم التمكن من فرضها على الشعب الايراني بعد مرور 39 عاما، فقد سعى نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية لرأب تلك الثغرات عن طريق التدخلات في دول المنطقة بزعم نصرة "الشيعة المظلومين" من جانب أنظمة بلدان المنطقة.

على الرغم من أن نظام الجمهورية الاسلامية الايرانية سعى للظهور بمظهر المدافع عن الاسلام والمسلمين بصورة عامة، لكن تورطه في تدخلاته السافرة في العراق ولبنان وسوريا واليمن، أثبتت عدم صحة مزاعمه بهذا الخصوص وإنه ليس إلا نظام طائفي يهدف لإثارة النعرات الطائفية وشق وحدة صف المسلمين من خلال تأليب بعضهم ضد الاخر. لكن المشكلة التي واجهها ويواجهها هذا النظام، هي إن الشيعة ليس في البلدان الاربعة التي يهيمن عليها بنفوذه فقط وانما في إيران أيضا، لم يعد يطيقون هذا النظام ولذك فقد بدأت مظاهر الرفض والمواجهة ضد هذا النفوذ. والملفت والمثير بهذا الصدد أن هذا الرفض والمقاومة صار ينطلق من كل مكان بصورة عامة ومن المدن الشيعية المقدسة بصورة خاصة، وهو م ايتداعى عنه الكثير من المعاني.

بعد الانتفاضة الايرانية التي انطلقت من مدينة مشهد المقدسة في 28 ديسمبر/كانون الاول الماضي وشملت مدينة قم المقدسة أيضا، فقد شهدت مدينة كربلاء المقدسة التي تضم مرقد الامام الحسين بن علي بن أبي طالب، مظاهرات واسعة أمام القنصلية الايرانية احتجاجا على اعتقال رجل الدين الشيعي آية الله سيد حسين الشيرازي في قم، بأمر من المرشد علي خامنئي، بينما ردد عدد من الأهالي، بينهم رجال دين شيعة، شعار الموت لولاية الفقيه في كربلاء. وهذا يعني إن نظام ولاية الفقيه في شخص مرشده الاعلى، قد صار مستهدفا في المدن الدينية قبل غيرها.

المشكلة لا تنتهي هنا، إذ أن أصوات إيرانية وعربية بدأت ترتفع عاليا رافضة نظرية ولاية الفقيه وما تسببت وتتسبب به من أضرار للمذهب الشيعي بشكل خاص والدعوة الى مواجهتها ورفضها. من هنا فإن إعتقال السلطات الايرانية المرجع آية الله حسين الحسيني الشيرازي، وهو من الرافضين لنظرية ولاية الفقيه، واستخدام العنف المفرط في إلقاء القبض عليه، يأتي لمواجهة تيار الرفض المتنامي هذا خصوصا وأن آية الله حسين الشيرازي هو نجل المرجع الشيعي العراقي البارز من الأصول الإيرانية آية الله العظمى حسين الحسيني الشيرازي، وهو من أحفاد المرجع التاريخي آية الله ميرزا الشيرازي الذي كان في نهاية القرن التاسع عشر حرم استخدام التبغ في سياق معارضته للاستعمار البريطاني حيث استحوذت شركة "تالبوت" البريطانية على احتكار التبغ في إيران.