إيران والعرب، يد تصافح وأخرى تطعن

ردت إيران على كل مبادرات العرب لتحسين العلاقات بالمزيد من التوتر والتدخل.

ثمة سؤال مهم جدا فيما يخص علاقة البلدان العربية مع النظام الايراني نجد من الضرورة الملحة طرحه والبحث والتقصي فيه لأسباب آنية ومستقبلية على حد سواء ستتوضح من خلال سياق المقالة. السؤال هو: من كان المبادر دائما من أجل تحسين العلاقات بين الطرفين وكان يسعى من أجل معالجة أسباب الخلل وتدهور العلاقات؟

من ملاحظة صيغة السؤال يبدو واضحا إننا سعينا للإنطلاق من الجانب الإيجابي وليس السلبي من أجل أن نعمل مابوسعنا للتحلي بالحيادية في معالجة هكذا موضوع مهم وحساس بالنسبة للسلام والامن والاستقرار في المنطقة.

هل كانت طهران المبادرة دائما بمد يدها للعرب من أجل تصفية أجواء العلاقات المتوترة والمضطربة والمشرئبة بكل الاسباب والعوامل التي تدعو للقلق؟ نكون غير منصفين، بل وحتى غير واقعيين بالمرة فيما لو قلنا بأن طهران كانت المبادرة لمد يدها نحو العرب، خصوصا وإنه لا يوجد هناك في الواقع ما يمكن أن يدعم ذلك ويسنده، ولكن يجب هنا أن ننتبه ونأخذ بنظر الاعتبار إن التصريحات والمواقف النظرية الايرانية التي لاصوت ولا صدى لها على أرض الواقع، لا يمكن أبدا الاطمئنان والثقة والاخذ بها.

أن تصافح بيد وتطعن أو تتآمر بالاخرى، كما فعل ويفعل النظام الايراني على مر الـ45 عاما الماضية، لا يمكن أن يؤخذ على إنه خطوة في الطريق الصحيح إطلاقا، في حين إن البلدان العربية فيما لو مدوا أياديهم للنظام الايراني فإنهم مدوها ويمدونها بنية حسنة منذ أيام الخميني ولحد الان، ولكن المستشف والمستخلص دائما، هو إنه ليس هناك ما يمكن أن يطمئن العرب الى النوايا الايرانية ولاسيما في المستقبل المنظور إذ المعروف عن النظام الايراني إنه يسعى دائما للظهور بمظهر الحمل الوديع عندما يكون في وضع وموقف صعب ويتخوف مما قد يحيق ويحدق به كما هو الحال معه منذ أواخر عام 2022 وبدايات عام 2023، بشكل خاص ولحد الان بشكل عام، إذ أن النظام الايراني وبسبب من تفاقم أوضاعه الداخلية والازمة العميقة التي يواجهها، فإنه بأمس الحاجة لأن يقوم بتدفأة علاقاته الاقليمية التي حتى صارت مقياسا على الصعيد الدولي لتوجهات ونوايا هذا النظام.

بطبيعة الحال، لم يكف النظام الايراني أبدا عن سياساته المشبوهة وعن نهجه المتسم بعدوانية واضحة من خلال التدخلات في بلدان المنطقة والتي يقوم بها من خلال أذرعه والمثير للسخرية إنه يريد من بلدان المنطقة أن ينظروا الى هذه الاذرع كعوامل لإستتباب الامن والاستقرار في المنطقة عموما وفي البلدان التي تتواجد فيها، وهو الامر الذي لا يمكن أبدا أن يصدقه من يمتلك ذرة من العقل.

وفي ختام هذه المقالة نعيد نفس السؤال الذي طرحناه في بداية هذا المقال، ولكن بصيغة أخرى؛ من كان من الطرفين، النظام الايراني والبلدان العربية، المبادر دائما لتعكير العلاقات وكان السباق لدفعها نحو التدهور بوتائر متسارعة؟ نعتقد إنه ليست هناك من أية حاجة للإجابة، فالجواب واضح وضوح الشمس في عز النهار!