'شد ليمن' يوثق عاشوراء بطرائف كوميدية مراكشية

السيناريست يوسف كرامي يكشف في تصريح عن أهمية التطرق الفني للعادات والتقاليد المغربية قبل اندثارها، ويؤكد على قوة الكتابة في إبراز هذه الجوانب الثقافية العريقة.

مراكش (المغرب) - تدور أحداث الفيلم التلفزيوني "شد ليمن" للمخرج عبدالله فركوس الذي يعرض ضمن برامج رمضان 2024، حول خمس شخصيات،"خالد"، و"عمر"، وزوجته "صفاء"، ووالدتها "كلثوم"، حيث يبحثون عن سيارة سُرقت من أمام أحد المطاعم، وبداخلها حقيبة جلدية تحتوي على مبلغ مالي كبير وجواز السفر، إذ أن اختفاءها يهدد المستقبل المهني لبعضهم، لذلك يسابقون الزمن لإيجادها، غير مبالين بالعوائق الصعبة التي تعترض طريقهم.

الفيلم من سيناريو يوسف كرامي، ويشارك في التمثيل كل من عبدالله فركوس، وفضيلة بنموسى، وعبدالصمد مفتاح الخير، وحاتم عبدالغفور، وعمر عزوزي.

يقول السيناريست يوسف كرامي في حوار مع "ميدل ايست اونلاين" حول فيلم "شد ليمن": "إنه سيناريو كوميدي اشتغلت عليه بعدما وقعت في ظروف مماثلة، حيث ضاع مني جواز سفري أثناء رحلة مستعجلة، ومن هنا جاءت الفكرة من خلال طرح مجموعة من التساؤلات، مثل ماذا سيحدث لو ضاع منك جواز سفرك، أو أموال أمانة عندك، أو سيارة أحد أصدقائك؟ فالفيلم يرمز إلى الكثير من هذه الطرائف من خلال شخصية 'العربي' الذي اختار الوظيفة رغم كونه حرفيًا في صناعة الأحدية الجلدية التقليدية، وكيف عبر عن الندم  لأنه اختار السلك الوظيفي وضحى بحرفة والده، وشخصية 'صفاء' التي يتدخل في حياتها كل من حولها، لانها تعاني من عدم الإنجاب، وشخصية 'خالد' الذي يعاني من عقدة طلاق والديه، فيقرر عدم الزواج وبناء أسرة، فكل هذه الشخصيات تحمل رسائل اجتماعية بطابع كوميدي خفيف، ويعتبر الفيلم أيضًا توثيقًا لليلة عاشوراء في مراكش، فهذه الليلة  لها مكانة خاصة في المغرب، وحاولت أن أوثقها  للأجيال القادمة".

يعكس سيناريو "شد ليمن" رحلة "العربي"، الذي يعيش حياة مليئة بالتحديات والتضحيات والأحلام المؤجلة، إذ يسعى جاهدًا لتحقيق حلمه الذي لم يتحقق بعد، المتمثل في فتح محل لصنع الأحذية التقليدية، وهو الإرث الذي ورثه عن أجداده، كما تتجلى الحبكة الدرامية في الحفاظ والتمسك بالتقاليد وإحياء التراث العائلي، مثل صنع الأحذية التقليدية الذي يمثل جزءًا أساسيًا في ثقافة المدن القديمة المغربية.

ويواجه "العربي" الصدمات والمفاجآت، مثل سرقة سيارة صديقه "خالد" التي كانت في الأصل لزوج أمه، إذ يظل قويًا ومصممًا على مواجهة المصاعب بثقة وصلابة رغم العقبات المتشابكة، فيتعامل معها بأسلوب التصالح مع الذات وقبول الأمور بدون عصبية أو توتر.

وتعتبر كلمة "شد ليمن" التي عنون بها الفيلم جزءًا أساسيًا من الحبكة، إذ تعبر عن من يتخذ من الحكمة والصبر والتأني منهجًا في حياته، حيث تجسدت في شخصية "العربي" هذه الروح التي تلهم الجمهور الناضج لمواجهة تحديات حياتهم بنفس الأسلوب العفوي.

تتوالى الأحداث وتتطور علاقة الصداقة والتعاون بين "العربي" الذي أدى دوره الممثل عبدالله فركوس وبين أصدقائه، مثل "عمر" الذي أدى دوره عبدالصمد مفتاح الخير، و"خالد" الذي لعب دوره الممثل حاتم عبدالغفور، و"صفاء" زوجة "عمر"، ووالدتها "كلثوم" التي لعبت دورها الممثلة فضيلة بن موسى بشكل عفوي، فمن خلال الأحداث في المستشفى وخاصة اللحظة التي صارحهم "العربي" بالوضع الصعب المتمثل بفقدان سيارة "خالد" والاشتباه به في سرقتها، يظهر تفاهم وانسجام بين الشخصيات في تقديم الدعم والتضامن فيما بينهم، إذ قرروا البحث عن السيارة المفقودة التي بداخلها حقيبة تحمل خمسة عشر مليون سنتيم تابعة للشركة التي يعمل فيها كل من "عمر" و"صفاء" و"العربي" و"خالد"، وجواز سفر "كلثوم" التي كانت تريد السفر إلى كندا لزيارة ابنها.

تعتبر تقنيات الإخراج في فيلم "شد ليمن" بسيطة من حيث زوايا التصوير العادية بمستوى النظر، وباقي الزوايا بين المنخفضة والمرتفعة، كما تبرز المشاهد الممتدة لقطات متوسطة البعد، حيث استخدم المخرج هذه اللقطات لإبراز جماليات مراكش بين الأزقة والشوارع والمساكن الحمراء.

يعد الإيقاع الزمني للأحداث سلسًا ومنسجمًا مع طبيعة الكوميديا الخفيفة التي نهجتها حبكة السيناريو، إذ يعتبر هذا النوع من الكوميديا رغم بساطته شعبيًا ويروج للكثير من المبادئ والقيم التي كان يعيشها المغاربة في أيام عاشوراء، ففي مشهد "كلثوم" وهي تقوم بإخراج زكاة عاشوراء لأطفال الحومة مثلا، إحالة على طقوس توشك أن تنقرض أحيائنا الشعبية، وإعداد الكسكس والفواكه الجافة والحلويات التي كانت تُحضَّر من أجل هذه المناسبة أيضا، كما تبرز بعض المشاهد شيئًا جميلًا أضحى مفقودا في زمن الفتن والعقوق، وهو تناول الكسكس كل جمعة مع الوالدين، وهذه الثقافة المغربية تقريبا أصبحت في طي النسيان.

بالإضافة إلى ذلك، ينقل الفيلم العديد من الرسائل، مثل عقدة الزواج لدى الشباب التي جسدها "خالد"، ويشير إلى الرشوة والفساد المتفشي بين حراس الأمن الخاص في الشوارع، إذ ينقلون أخبار الناس بالموازاة مع حراستهم للسيارات والأزقة والشوارع، فهذه الإشارات تعكس الواقع الاجتماعي والثقافي في المجتمع المغربي بطريقة طريفة، فنحن لسنا أميركا، نحن بسطاء وهذا نهجنا في الحياة.