فخ المؤامرة: هل كان الهجوم الايراني مسرحية مدبرة؟

نظرية المؤامرة أفضل طريقة لتعويض عدم القدرة على التحليل.

اشار أحد اساتذة العلوم السياسية عبر موقعه في منصة أكس الى انه لا يستبعد ان تكون عملية الثامن من اكتوبر مجرد مسرحية متفق عليها بين اسرائيل وحماس، لكنه سرعان ما تجاوز التغريدة او حذفها، حتى لا يخسر جمهوره المتعاطف مع غزة.

ولم يتردد من توجيه ذات التهمة للمقاومة اللبنانية على الرغم من التضحية الباهظة في الجبهة الشمالية، وسقوط أكثر من 300 شهيد، معللا ذلك بأنهم ذراع إيران في المنطقة والتي لم تحرك قواتها لضرب اسرائيل، معتبرا هذا الموقف دليلًا قاطعًا على تورط إيران في كارثة غزة.

لكن هجوم إيران على اسرائيل وإطلاق أكثر من 330 مسيرة وصاروخ، لم يمنع سعادة الدكتور من وصف ما حدث بالمسرحية المُتفق عليها، ساخراً من العملية. ولكنه اضطر لاحقا للاعتراف بأنها المرة الأولى التي يقصف فيها كيان الاحتلال بهذه الكمية من الصواريخ والمسيرات.

يُرجح أن أسلوب الدكتور في تفسير الأحداث يعتمد على نظرية المؤامرة، وهو نهج غير علمي تلجأ إليه العقول المتطرفة أو المُحبطة لتفسير الأمور بعيدًا عن المنطق. وأرى في ذلك أسلوبًا كتابيًا رخيصًا يلجأ إليه الكتّاب الفاشلون لجذب المزيد من القراء.

مُعتنقو نظريات المؤامرة عاجزون عن فهم "نظرية المقاومة" وفلسفتها، ولا يستطيعون إدراك الدوافع التي تُحفّز الأمم والشعوب على الدفاع عن نفسها وكرامتها، حتى لو كانت تفتقر إلى الإمكانات الكافية.

يتأثر اتباع نظرية المؤامرة غالبا بالمشاعر المرتبطة بالمعتقدات بدلا من التزامهم بالمنطق العلمي. واذا اردنا ان نحصر أهم العوامل التي تدفع المحللين نحو نظريات المؤامرة، فيمكن ايجازها بالتالي:

1- التحيز المعرفي، وخاصة "التحيز التأكيدي"، والذي يظهر من خلال سعي الكاتب للبحث عن المعلومات التي تُعزز وجهة نظره، مع تجاهل الأدلة المُناقضة لها مهما كانت قوية ومنطقية.

2- الجهل المركب، الذي ينبع من شعور المختص بحق تفسير الأحداث للجمهور دون مسائلة، مما يساعد على انتشار نظريات المؤامرة السطحية، وفي كثير من الأحيان، تُقدم هذه النظريات "تفسيرا طفوليا بسيطا" لجذب اهتمام الجمهور.

3- تُلبي نظريات المؤامرة حاجة البعض للانتماء، حتى لو جاء ذلك متناقضا مع آرائهم الشخصية، ولذا قد يكون المحلل ليبرالي الاتجاه، ولكنه يفسر الاحداث بنظرية المؤامرة تناغما مع معتقدات جمهوره التقليدي أو الطائفي.

4- باتت "ثقافة الإثارة" تسيطر على مضامين وسائل التواصل الاجتماعي، ممهدةً الطريق لنظريات المؤامرة الخرافية وتفسيراتها المُبسطة للأحداث، لتُصبح هي السائدة بدلاً من الحوار العقلاني والبحث عن الحقيقة.