'تراث' تضيء على ثراء لغوي وإنساني في لهجات الإمارات

العدد الجديد من المجلة يتضمن ثلاثة عشر مقالاً دارت في فلك اللهجات الإماراتية وجهود جمعها وتوثيقها.

صدر أخيرا في أبو ظبي، العدد 269 لشهر مارس/ آذار 2022، من مجلة تراث، والتي يُصدرها نادي تراث الإمارات بمركز زايد للدراسات والبحوث، حيث خصصت المجلة ملفا خاصا حول "لهجات الإمارات.. ثراء لغوي وإنساني".

وفى افتتاحية العدد، قالت رئيسة التحرير شمسة الظاهري، ان الاهتمام بجمع وتدوين مفردات الألفاظ العامية في دولة الإمارات العربية المتحدة، بدأ في فترة التحولات السياسية والاقتصادية التي واكبت اكتشاف النفط في ستينيات القرن المنصرم وما صاحبها من طفرة كبيرة ومتسارعة في مختلف المجالات غيرت من الهيكل التقليدي للنسيج الحضري.

ولفتت الظاهري إلى أن مركز زايد للدراسات والبحوث التابع لنادي تراث الإمارات، وضع معجماً لغوياً لألفاظ لهجة الإمارات، بعد تأصيله لمفردات هذه اللهجة وتعابيرها المختلفة وردها إلى أصولها الفصيحة في العربية، وهذا التأصيل خطوة واسعة على طريق تفصيح كلامنا الدارج وتصحيحه، مما يعمق هويتنا الثقافية العربية الإسلامية الأصيلة التي تشكل اللغة إحدى دعائمها.

الحاجة لمعجم للفنون القولية

وشددت رئيسة التحرير إلى الحاجة إلى نوع موثق من المعاجم يعني بالفنون القولية الشعبية، لتصبح مراجع علمية رصينة موثوقاً بها للباحثين في التراث والشعر الشعبي، وكلنا أمل بأن تستمتعوا بموضوعات هذا العدد المتنوعة، الذي نخصص ملفه للحديث حول هذا الموضوع المهم ألا وهو المعاجم اللغوية.

وفي مقاله الذي تصدر صفحات العدد الجديد من المجلة، أشار فلاح محمد الأحبابي، رئيس نادي تراث الإمارات، إلى أن اللهجات مفاتيح تقود من يتابعها إلى ذخائر من المعرفة، تفتح أبوابا على التاريخ وحكاياته، والبيئة وملامحها، والحياة الاجتماعية وتركيبها، ومنظومة القيم والمعتقدات والأفكار والأخلاق السائدة في المجتمعات.

ولفت إلى أن الدراسات المرتبطة باللهجات تحظى باهتمام العلماء والباحثين منذ عقود طويلة، لكن هذا الاهتمام صار مشوبا بقلق تدفعه الرغبة في إدراك ما تبقى من خصوصية اللهجات وتمايزها، لتوثيقها وحفظها قبل أن تتلاشى بحسب الدراسات، بسبب انفتاح العالم وتقارب أبعاده، وبفعل وسائل التواصل السريعة التي قضت على الحدود الجغرافية والزمنية، وصنعت لهجات شبه موحدة بين الجميع وغيبت الميزات اللغوية الجغرافية.

وقال الأحبابي أنه بفعل هذا الانفتاح تحولت اللهجات إلى تراث ثقافي شفاهي مهدد بالزوال، وبات واجب المؤسسات المعنية بالتراث التنبيه إلى أهميته، والمسارعة إلى إطلاق ورعاية وتحفيز المبادرات المعنية بجمعه وتوثيقه ودراسته.

نادي تراث الإمارات وإحياء اللهجات الشعبية

وفي ملف العدد الذي تضمن ثلاثة عشر مقالاً دارت في فلك اللهجات الإماراتية، وجهود جمعها وتوثيقها، نقرأ: "اللهجات الإماراتية.. جذورها وبيئاتها" لجمال مشاعل، و"توثيق اللهجات في الإمارات.. الموروث والنسيج الثقافي" لخالد صالح ملكاوي، و"تركي سعيد الظهوري: اللهجة توثق مفردات الأجداد" مقابلة أجراها صلاح أبوزيد، و"لهجات أهل الإمارات في المؤلفات المعاصرة" لعلى تهامي، و"ضرورة توثيق رمستنا" لفاطمة المزروعي، و"الطنيجي.. وجهوده في توثيق اللهجة الإماراتية"، لعلى تهامي، و"اللهجات الإماراتية.. الهوية والتوثيق" لحسن علي آل غردقة، و"معجم ألفاظ لهجة الإمارات وتأصيلها" لفاطمة المنصوري، و"نادي تراث الإمارات وإحياء اللهجات الشعبية" لعلى تهامي، و"لغتنا الأم بين الفصحى والعامية" لعلي كنعان، و"اللهجات في الإمارات جداول متنوعة من نبع واحد"، لفاطمة عطفة، و " في العلاقة بين لهجات دولة الإمارات واللهجات العربية الأخرى" لعلي تهامي، و"اللهجات الإماراتية.. الثراء اللغوي والمعجمي".

الثقافة والتنمية

وفي موضوعات العدد نقرأ:يكتب الدكتور حامد بن محمد خليفة السويدي، عن "الثقافة والتنمية المستدامة"، ويأخذنا ضياء الدين الحفناوي، في رحلة إلى "سيوة.. جزيرة اللاعودة"، ويضيء أحمد حسين حميدان على "النوافذ البحرية ومخاطر المدي المفتوح في القصة الإماراتية العاصرة"، وتروي لنا مريم النقبي بعضا من سيرة وإبداع الشاعر الراحل "عبيد بن خميس بن صويلح الهاملي"، ويقدم لنا عزت عمر قراءة في "مجموعة كسر في الوزن لحبيب الصايغ"، فيما حمل مقال شريف مصطفى محمد عنوان "رحى الاستعلاء والأمل في التغيير"، ويغوص محمد حسن الحربي، في عوالم رواية "سبيل الغارق.. الطريق والبحر" للأديبة ريم بسيوني، ويتتبع عبد المقصود محمد سيرة الشاعر "عبدالكريم معتوق"، وانتقل بنا الدكتور هيثم يحيى الخواجة إلى عوالم الأديب عباس محمود العقاد، في مقال حمل عنوان "عباس محمود العقاد.. مقتطفات ورؤية"، وحمل مقال الدكتور حمزة قناوي عنوان: "المصريون الأمريكان"، وتناول راشد سعيد مبارك "تاريخ اللغات الآرية الهندو – أوروبية"، واستعرض عبد الله بن يحيي السريحي "أسس ومعايير المخطوطات وتقدير ثمنها"، ورصد عبد الفتاح صبري: "العلاقة بين الإنسان والباب"، ويسرد خليل عيلبوني " حكاية العقيلي واليازيّه" في نص شعري، ويترجم لنا محمد عبد الفتاح "حكايات ايسوب.. ثلاث قصص للأطفال"، وتحدثنا سوسن محمد كامل عن "القهوة كموروث عربي أصيل"، وترصد لنا الدكتورة نورة صابر المزروعي صورا من "عبقرية الأندلسي ابن باجه"، ويقدم لنا فهد على المعمري دراسة عن "الأمثال الشعبية في الشعر النبطي الإماراتي"، ويروي لنا عادل خزام بعضا من ذكرياته في مقال حمل عنوان "فيلم الذكريات"، ونقرأ لصلاح أبوزيد دراسة بعنوان "البيئة الجبلية.. إرث حضاري يروي تاريخاً"، ويكشف لنا حسن صالح محمد "السر التاريخي وراء تسمية منطقة ربدان"، ويناقش الدكتور صديق جوهر "الحركة المسرحية الإماراتية من منظور تاريخي"، وتجول لولوة المنصوري "في بيت الجلال"، واما مقال الدكتور خالد بن محمد مبارك القاسمي، فدار حول "الإتحاد الثنائي بين أبو ظبي ودبي"، واستعرض الدكتور عبد العزيز المسلّم العلاقة بين "الكتابة والحَرف"، وكتبت الدكتورة فاطمة حمد المزروعي عن "فن إدارة الحياة.

يُذكر أن مجلة " تراث" هي مجلة تراثية ثقافية منوعة تصدر عن نادي تراث الإمارات في أبو ظبي، ويرأس تحريرها شمسة حمد الظاهري، والإشراف العام لفاطمة مسعود المنصوري، موزة عويص علي الدرعي، وتمثّل المجلة منصة إعلامية تختص بإبراز جماليات التراث الإماراتي والعربي الإسلامي، في إطار سعيها لأن تكون نزهة بصرية وفكرية، تلتقط من حدائق التراث الغنّاء ما يليق بمصافحة عيون القراء وعقولهم.        

وقد انطلقت المجلة من رؤية الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان، ممثل رئيس الدولة، رئيس نادي تراث الإمارات، إلى الصحافة المتخصصة، باعتبارها همزة وصل ضرورية بين الباحث المتخصص والقارئ المتطلع نحو المعرفة، لتحيطه علماً بالجديد والمفيد، في لغة سلسة واضحة، تبسّط مصطلحات المختصين، وتفسّر غموض الباحثين من دون تشويه أو إخلال، جامعةً في ذلك بين المتعة والمعرفة.