مهرجان المفرق للشعر العربي يواصل رسالته الثقافية في دورة جديدة

حفل الافتتاح تم استهلاله بتوقيع ثلاثة دواوين شعرية للشعراء: د. ماجد العبلي ود. إيمان عبدالهادي ود. حكمت النوايسة.

الدكتور نضال العياصرة مدير المكتبة الوطنية في الأردن مندوبا عن وزيرة الثقافة هيفاء النجار افتتح مهرجان المفرق للشعر العربي.. في دورته الثامنة في المكتبة الوطنية، بحضور عبدالله العويس مدير دائرة الثقافة في الشارقة ومحمد القصير مدير الشؤون الثقافية في الشارقة وفيصل السرحان مدير بيت الشعر بالمفرق وبمشاركة كوكبة من الشعراء الأردنيين، وسط حضور لافت من الأدباء والمثقفين والمهتمين، وأدار الحفل والأمسية الشعرية الشاعر والناقد الدكتور راشد عيسى.

واستهل الحفل بافتتاح معرض منشورات دائرة الثقافة في الشارقة، وتم توقيع ثلاثة دواوين شعرية صدرت عن الدائرة الثقافية في الشارقة للشعراء: د. ماجد العبلي ود. إيمان عبدالهادي ود. حكمت النوايسة، وسط حفاوة كبيرة من الحضور.

إلى ذلك ألقى الدكتور العياصرة كلمة أشار فيها إلى أن مهرجان المفرق للشعر العربي في دورته الثامنة والذي يقام في رحاب ذاكرة الوطن الأبرز في دائرة المكتبة الوطنية، أرحب باسم العالمين بأم المكتبات الأردنية، حيث نلتقي اليوم في هذا المهرجان الذي يشتمل على أمسيات شعرية وعرض لمنشورات دائرة الثقافة في الشارقة وتوقيع مجموعة من الأعمال الشعرية الصادرة في الشارقة، مبينا أن مهرجان المفرق أقيم أكثر من مرة في المكتبة الوطنية ونرحب بهذا التعاون في إقامته لسنوات عديدة.

وبدوره ألقى عبدالله العويس كلمة قال فيها: نسعد اليوم بانعقاد الدورة الثامنة من مهرجان المفرق للشعر العربي، متوّجا الأنشطة الثقافية والأمسيات الشعرية التي ينظمها بيت الشعر على مدار العام الذي عرف تنقّله بين مدن ومحافظات المملكة محتفيا بالشعر والشعراء الأردنيين والعرب، مكتشفا المواهب الشعرية الشابة، ومقدرا القامات الشعرية التي أسهمت في رفد الساحة الثقافية العربية بالجمال والإبداع.

وأكد العويس بأن بيت الشعر في المفرق يستمر في أداء رسالته الثقافية، فها هو في هذه الدورة ينتظم بين العاصمة عَمّان والزرقاء وإربد، ويسعدنا في هذه المناسبة أن نتقدم بجزيل الشكر والتقدير إلى وزارة الثقافة الأردنية والمكتبة الوطنية على هذا التعاون البناء مع دائرة الثقافة بالشارقة، الذي يؤكّد على عمق العلاقات الأخوية بين دولة الإمارات العربية المتحدة والمملكة الأردنية الهاشمية في ظل القيادة الرشيدة في البلدين، وأتَشَرّفُ في هذا المقام بِأن أنقُلَ لَكم تحيات الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة وتمنِّيَاتِه لكم بالتوفيق.

وإلى ذلك بدأت فعاليات الأمسية الشعرية الأولى التي أدار الشاعر الدكتور راشد عيسى معرّفا بالشعرية وبسيرتهم الذاتية، القراءة الأولى استهلها الشاعر محمد سمحان والذي يعتبر من المؤسسين في حركة الشعر الأردنية العربية وصاحب تجربة ثرية، حيث قرأ صاحب الديوان المتميز "أناشيد الفارس الكنعاني" ثلاث قصائد من الشعر العمودي انتصر بشعره وإحساسه الصادق لغزة وأبطالها الذين سطروا بطولات وانتصارات على العدو الصهيوني.

من قصيدة له يقول فيها:

"وحدها غزةُ الان/توقظُ أّمَّتَها من جحيمِ السُّباتْ/وحدها غزةُ الان/تاخذُ وجبَتَها من صواريخِ صهيونَ/تهوي من الجوِّ والبرِّ والبحرِ/وقتَ السحورِ ووقتَ الفطور/ووقتَ الصَّلاةْ/وحدهُ/دمُ أطفالِ غزةَ/يفضحُ عارَ السُّكوتِ المريبِ/وعارَ الجلوسِ إلى الثرثراتْ".

فيما قرأ الشاعر حكمت النوايسة صاحب ديوان "أغنية ضد الحرب" مجموعة من القصائد الدرامية التي أرّخت للمكان والتراث مستحضرا المادة التاريخية وهو صاحب البنى الشعرية الجديدة ومما قرأ: "قوس الكرك، بطاقة، صوت واثق، قوس المزار" قصائد اعتمل فيها الفكر واللغة العالية التي تعبر عن مكنونات النفس البشرية.

من قصيدته "قوس الكرك" نقتطف منها:

"أنا من هذه الأرضِ/ تنزّلت شيئا فشيّا/ومشَتْ بِيْ الغيوم مثلَ جريح/طوتْه الرّمالُ طيّا/وتعلّمتُ في مدارج العمْر بكاءً أبديّا/وانتخَتْ بِيْ المدائنُ تحتاجُ يدي/وندائي سُميّا/ثمّ وافيتُ غايتي غايتيها: وطنًا وجنّةً أتفيّا/واهتدتْ بيْ السَّراةُ/إذ بزغت نجمًا وفيًّا/وأرحتُ المياهَ من صلصالي/وعطفتُ على الأرض رِيّا/ربّما، خانَني بعضُ وقتي/وَسَرَتْ بيْ رغبةُ الوقتِ/تردُّني سرمديّا".

أما د. إيمان عبدالهادي فهي شاعرة متميزة تعمل على قصائدها الفلترة بحيث تغدو خالية من العلائق الترابية تسطر قصيدتها بوعي فكري مختارة قوافيها بعناية فائقة، قواف صعبة، شاعرة مثابرة صاحبة رؤية حداثية في عمودها الشعري.

من قصيدتها "مُلاشَاة" تقول فيها:

"كانَ حُلْماً نَرجسيّاً أو شِواشا/جَلَّ في أرضِ المعاني أنْ يُعاشَ/وانبلاجاً فائِقاً في عتمةٍ:/حجَرُ النّردِ على الأعدادِ طاشَ/وممرّاتٍ سيفضي كَشفُها/ لمتاهاتٍ عِظامٍ تَتَغَاشَى/ومُحيطاً عارِماً، مطّرداً /أورَثَ الغيمةَ أرواحاً هِشاشا/ربّما كانَ قميصاً أزرقاً/فتَّحَ الأزرارَ في الشّمسِ اندهاشا/أو فساتينَ من التّوولِ التي/ثقّبتها الحربُ في روحِ نَتاشا/مدَّ في جُرحي يَداً ثابتةً/حينَ أهدى وَردَةَ الحُمّى رُعاشا".

وبدوره الشاعر محمد خضير قرأ غير قصيدة، وهو شاعر يمتلك شجاعة التجريب، وروائي وفنان تشكيلي له رؤية فاحصة تجاه الحياة وشاهد حقيقي، لغته عالية البناء في المعنى والمبنى.

ومما قرأ من قصيدة "تحيّةُ للبِّلاد" نختار منها:

"حيِّ الرِّجالَ إذا السُّجونُ تكلَّمَتْ/ لغةَ الصُّمودِ وَما تلعثَمَ مِنْ أحَدْ/حيِّ النِّساءَ إذا غَسَلْنَ قُلوبَنا/بالحُبِّ والصَبْرِ المعتَّقِ والبَرَدْ/حيِّ البناتِ إذا أقمنَ خيامَنا/ من غير حَبْلٍ للسَّلامِ ولا وَتدْ/حيِّ الشوارعَ وهي تضحكُ مثلَنا/من عابرٍ، في جِيدهِ حَبْلُ المسَدْ/حيِّ البلادَ مِن الجَليلِ إلى النَّقبْ/ ومِن الخَليلِ.. إلى جِنينَ.. إلى صَفَدْ".

الشاعرة مريم أبونواس قرأت مجموعة من القصائد، شاعرة تعمل على تطوير شعرها، نصوصها شفافة في الكون قلبها الشعري يتحرك بطريقة أخرى.. إنها شاعرة فاتنة ماتعة، شاعرة كان حضورها اللافت من خلال تنوع ما قرأت، شاعرة تعد من الأصوات الشعرية التي تم اكتشافها من خلال بيت الشعر بالمفرق وهذا الدور الذي يسعى إليه البيت بدعم الأصوات الجديد وإشراكها مع الشعراء المكرسين.

واختتم القراءات الشعرية الشاعر وصفي المزايدة، خلال قراءته الشهرية استطاع أن يأخذنا إلى مقولة أصدق الشعر أكذبه محلقا بنا في فضاءات أكثر اتساعا لمعنى الشعر القريب من ذائقة المتلقي، وهو شاعر تربوي حقيقي غيور على اللغة العربية وقصيدته تشبهه في نضجها وعذوبتها.

ومن ثم قدمت الفنانة كارولين مجموعة من الأغاني الصوفية من ألحان والدها الفنان مالك ماضي التي تفاعل معها الحضور، كما قدمت أغنية لفايزة أحمد "أنا قلبي ليك ميّال".

وفي الختام تم تكريم الشعراء بشهادات التقدير من قبل د. العياصرة والعويس والقصير ومدير بيت الشعر بالمفرق فيصل السرحان.