ندوة ارتياد الآفاق: نص الرحلة يزدهر في منطقة المغرب العربي

معرض أبوظبي الدولي للكتاب ينظم ندوة عن أدب الرحلات يستقطب فيها مجموعة من المختصين لمناقشة مكون أساسي في الثقافة العربية المعاصرة.

شهد معرض أبوظبي الدولي للكتاب في دورته الـ28 ثلاث ندوات متتالية حول نحن موجودون في هذا المعرض من خلال 3 ندوات متتالية، ناقشت عددا من القضايا الأساسية في أدب الرحلة وآفاقه المستقبلية في الثقافية العربية.

 في ندوة "الرحالون سفراء الثقافات: اكتشاف الذات والآخر" تم التطرق للدور الذي يلعبه مشروع مركز "ارتياد الآفاق"، وجائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، حيث افتتح مركز ارتياد الآفاق الذي تأسس عام 2001 في مكانين هما لندن وأبوظبي، برعاية مباشرة من المثقف والشاعر الإماراتي أحمد خليفة السويدي، في المكتبة العربية ركنا لأدب الرحلة، ليعيد إدراج هذا الأدب كجزء أساسي مكون في الثقافة العربية المعاصرة والحديثة، كما يعتبر منصة وواجهة للتواصل بين الثقافة العربية والثقافات الأخرى. أيضا جائزة ابن بطوطة التي قدمت على مدار 15 دورة عشرات الكتب ما بين التحقيق والترجمة والتأليف.  

الندوة التي أدارها الشاعر والمترجم د.صديق جوهر، عرف فيها الشاعر نوري الجراح بمشروع مركز ارتياد الآفاق كاشفا عن ثلاثة عناصر أساسية له: الأول ندوة الرحالة العرب والمسلمين وهي ندوة كبرى عقدت 7 مرات تقريبا، في عدد من العواصم العربية، وخصوصا التي رافقت وظهرت في فضاء العواصم الثقافية العربية الرباط والشارقة والجزائر والبحرين والخرطوم وغيرهم. وكان القصد من تنظيمها هو استقطاب الدارسين والباحثين المعنين بأدب الرحلة.

ثانيا جائزة ابن بطوطة لأدب الرحلة، وهي جائزة مكون من 5 مستويات، مستوي تحقيق النصوص القديمة والوسيطة الموجودة في المخطوطات الموزعة على المكتبات العامة والمكتبات الشخصية في العالم العربي، والدراسات في أدب الرحلة، ورحلة اليوميات التي تكتب إلى جوار الرحلة عادة، الرحلة أيضا يوميات بطريقة أو بأخرى، الأمر الذي شجع الأدباء الجدد والمعاصرين على الاهتمام بكتابة يومياتهم في السفر، ويومياتهم في الأماكن والثقافات التي يحلون بها وتكون لهم تجارب وولع بهذا النص الذي نسمية نص الرحلة.

كما عمل المركز في مستوى آخر على تشجيع الأدباء والكتاب على السفر برعاية منه هنا وهناك في جغرافيات العالم، ومن هنا سافر إلى الهند وإيران وتركيا وأفريقيا وأوروبا عدد من الأدباء برعاية من المركز وفي إطار ما يسمي مشروع رواد الآفاق، بالإضافة لذلك هناك المنصة الالكترونية، بمعنى أنه يمكن مطالعة أغلب ما أنجزه المركز، من كتب الرحلة على أجهزة الآيفون بصيغة الـ"بي دي إف"، وهناك مشروع أيضا لخلق علاقة بين النص المكتوب والنصوص البصرية الممكنة من خلال الفيديو أو الصورة أو الخريطة أو ما إلى ذلك.

ولفت الجراح إلى أن نص الرحلة يزدهر في منطقة المغرب العربي، وخصوصا المغرب الأقصى، بحسب التسمية الخلدونية أي المغرب اليوم. وبالتالي لمسنا من خلال علاقة المركز بالأكاديمية المغربية، اهتماما متناميا وبالغ الأثر في إحياء هذا النص، وهذه العلاقة المزدوجة الحقل الأكاديمي من جهة وحقل القراءة والتلقي من جهة أخرى.

إن جائزة "بن بطوطة" في دوراتها الـ 15 أنجزت عدد كبير من الأعمال المحققة والدراسات والنصوص الحديثة من خلال مظلة الجائزة، الجائزة لا تمنح لمن يكون طبع كتاب في أدب الرحلة وإنما من حقق مخطوطا أو وضع دراسة أو كتب يوميات لم تنشر من قبل، وبالتالي كان لها أثر كبير في إغناء هذا الحقل وجعله حاضرا، وأشير هنا إلى أن أحد ندواتنا الخرطوم في 2005، لعبت دورا في الاهتمام الأكاديمي وحتى الادارة الاكاديمية في السودان، لادراج أدب الرحلة بوصفه أدبا مستقلا وله كرسي في الجامعة، وهذا لم يكن من قبل لأن أدب الرحلة كان جزءا من الجغرافية والتاريخ.

دور مركزي

وقال الجراح إن دور المغاربة دور مركزي في عمل المركز من جهة، وفي أدب الرحلة كدراسة وتحقيق من جهة أخرى، وأن الأكاديمية المغربية أكثر عناية من الأكاديمة المشرقية بأدب الرحلة، يجب أن نعترف بهذا، إن اهتمام المغاربة كان فعلا أكثر، وربما السبب واقعي جدا أن المغاربة أصحاب نص الرحلة، وأن الرحلة جزء مكون أساسي وليس إضافي في ثقافتهم، لأن المغرب يتطلع إلى المشرق.. لأن المشرق الأنوار، الثقافة، والجذور، ويشد الرحال إلى مكة والمدينة وبيت المقدس، وبالتالي هي جزء مكون أساسي عميق داخل الثقافة العربية في المغرب، وهنا أريد أن أشير إلى المناهج التي أثرى بها الباحثون والدارسون المغاربة الرحلة نصا وتكشيفا واستكشافا ومن ثم إدراجا لمكونات هذا النص الذي هو نص جامع يتألف من عناصر شديدة التشابه والتعقيد والثراء معا، سواء كان نص رحلة إلى الحج أو سفر أو الدبلوماسي، هذا النص الأخير الذي ازدهر في المغرب وخصوصا في القرون الأربعة الأخيرة.

وأضاف هذا الثراء في النص في المغرب، أدى إلى اعتماد مناهج حديثة وثراء في البحث والتعميق، تعمق هذا النص واستكشاف خطورته، وبالنسبة للتواصل الثقافي والحضاري مع الثقافات المختلفة أو بالنسبة لوعي الذات، لآن نص الرحلة هو محاولة استكشاف الذات من خلال استكشاف الاخر كنص في السفر، وبالتالي النصوص والمناهج التي أدرجها وكرسها المغاربة ذات أهمية كبيرة، وللأسف الأكاديمية المشرقية حتي الآن لم تدرك القيمة الكبيرة للتعدد والتنوع في قراءة نص أدب الرحلة المغربية، لا أريد أن امتدح عملنا، ولكن هناك عشرات الأكاديمين ممن فازوا بالجائزة الشطر الأعظم منهم مغاربة!، فأنا أحييهم على الثراء الفكري والثقافي وأيضا مواضيعهم في الجغرافيا المغربية.

موقع استراتيجي

ورأى د.عز المغرب معنينو أن دولة المغرب توجد في أقصى غرب أفريقيا، وبالتالي كانت أبعد دولة عن مركز الخلافة في دمشق وبغداد، وبالتالي كانت من أوائل الدول التي كانت استقلت بذاتها وبهويتها الدينية وبحدودها وبناء دولة مستقلة في وقت مبكر عن الخلافة الاسلامية. ثانيا أن موقع المغرب يبعد عن أسبانيا بـ 14 كم فقط، وهذا الموقع الاستراتيجي، بإطلالها على البحر المتوسط، والمحيط الأطلسي، جعلها نقطة عبور بين دول الخلافة الإسلامية في المشرق العربي والإمبراطورية المسيحية في أوروبا، خاصة أنه لعب دور أساسي في فتح بلاد الأندلس، وفي دعم دويلاتها لمدة ثماني قرون، ودفع بشكل مبكر خاصة في دولة المرابطين ودولة الموحدين، والموحدين هم أول من وحدوا دول شمال أفريقيا فكانت حدودها من برقة في طرابلس إلى نهر السنغال في الجنوب وإلى حدود فرنسا في الشمال، وهذه القوة والسلطة المتمركزة في مدينة مراكش، نسجت علاقات دبلوماسية مبكرة مع دول جنوب الصحراء في أفريقيا ومع أوروبا ومع دول المشرق العربي، وهذا يفسر لنا أسباب الريادة في المجال الدبلوماسي والرحلة السفرية، لأن الكثير من السفراء المغاربة الذين توجهوا لمدريد ولشبونة وباريس وغيرها من العواصم الغربية وإلى المشرق نحو تونس والقاهرة والحجاز والباب العالي كونوا علاقات دبلوماسية، هذه الدبلوماسية الممتدة أهلت الدبلوماسية المغربية أن ترسل عدد من السفراء، وهؤلاء السفراء دونوا لنا رحلاتهم ومشاهداتهم خاصة في عصر النهضة، لكن مع الآسف، أن هذه الرحلات ظلت مخطوطة وسجينة في رفوف مكتبات أهالي هؤلاء السفراء، ولم يطلع عليها رواد ذلك الزمان، وبالتالي لم تعط اشعاعها، الذي كان سيكون قويا، إذا وضعت في حينها كما حدث في مصر مع رحلة رفاعة الطهطاوي، التي كان لها صدي كبير في العالم العربي، لكن للأسف ظلت مخطوطة ومغمورة ومجهولة، إلى أن بدأت الجامعة المغربية تنفض الغبار عن هذه الرحلات العجيبة والغريبة، ويعود الفضل كذلك إلى مشروع أحمد السويدي وشريكه نوري الجراح، وشجع الباحثين المغاربة على طبع رحلاتهم ونشرها، وأصبحت هذه الرحلات تباع وتقرأ في كل جامعات العالم العربي، وأخيرا سمعت بأن الرحلة التي قمت بتحقيقها رحلة "إدريس الجعيدي" إلى أربع دول أوروبية فرنسا وبلجيكا وانجلترا وايطاليا، اشتغلت عليها طالبة في سلك الدكتوراه في جامعة "تطوان" في شمال المغرب، وترجمت كاملة إلى اللغة الفرنسية، وهذا سيفتح لها باب نحو أن تتحول إلى رحلة عالمية حيث بدأت الآن ترجمتها من الفرنسية إلى الانكليزية، وهكذا.

الدفع بحركة الإصلاح نحو الأمان

وأوضح د.عز أن رحلات السفرية المغربية، تتميز كذلك أنها تضبط لنا قوة الآخر في كل المجالات، في المجال السياسي والاجتماعي وغيره، وكان لها تأثير على البلاط السلطاني في المغرب، في القرن التاسع عشر، مما حرك هذه المياه الراكدة داخل دوالب الدولة المخزنية المغربية النائمة، إلى أن ترغم على الانفتاح وعلى إدخال الاصلاح لدوالب الدولة المغربية في القرن التاسع عشر، وبالتالي لعب هؤلاء السفراء دورا في التأثير وفي إحضار أوروبا داخل البلاط السلطاني بأفكارهم ومشاهدتهم، وكان لها تأثير إيجابي على الدفع بحركة الاصلاح نحو الأمان، لا ننسى أن الدبلوماسي هو خط الدفاع الأول، وهو من يواجة المشاق، ويمتص الصدمات، ويجد الحلول، ويفتح الحوارات مع الأخر، لتخفيف الأزمات وطرح الحلول، لبناء تعاون جديد وخلق فرص للسلام، والتعاون .. كل هذه المزايا تظهر في الدبلوماسي، مع أن ضابط الجيش هو في الصف الأخير يلجأ إليه عندما تغلق كل الأبواب واكتفى بهذا القدر.

أكد الكاتب الفلسطيني د.عبدالرحمن بسيسو أن الأهمية المعرفية والتاريخية والثقافية لأدب الرحلات تأتي في صلب أهداف مركز "ارتياد الآفاق"، لأن المسألة في البدأ والمنتهي، هي كيف نرى العالم؟ وكيف نرى أنفسنا في العالم؟ ما هو المدي الذي نستطيع أن نوغل فيه في أعماقنا كي نفهم أنفسنا ونعرفها؟ وما هو المدى الذي نستطيع أن نوغل فيه في أعماق الآخر لنعرفه ونتعارف عليه ونقدم أنفسنا إليه من منظور هذه العلاقة التبادلية؟. وقال "نحن نريد أن نرى العالم بعيون كثيرة، كما يقول المشرفون على مركز "ارتياد الآفاق"، أظن أننا في هذا الزمن لكي نربط بين مسألتين توظيف أدب الرحلة من أجل أغراض استعمارية أو من أجل خلق انسانية كونية تعتز بإنسانيتها وتعثر على جوهرها الحقيقي، أريد أن أشير إلى كتاب معروف اسمه "الغصن الذهبي" لجيمس فرايزر، كتب هذا الكتاب الموسوعي الهائل ولم يغادر المكتبة، لأن الرحالة والمستكشفون الذين كانوا يذهبون إلى آفاق العالم وجهاته الأربعة، كانوا يعودون ويقدمون شهادتهم على ما رأوا، فتولى هو كتابة هذا الكتاب ولكنهم جميعا سافروا إلى مناطق محدودة، ولكنه وحده هو الذي ذهب إلى كل أنحاء العالم، هذا يعيدنا إلى التفكير في مفهوم الرحلة وأدب الرحلة، وقد رحل جيمس فرايزر على روايات كل هؤلاء وعلى أكفهم، وعاش ما عاشوه وكتبه لنا وأعطاه للعلم، هذا ما أتمني على مركز "ارتياد الآفاق" أن يفتحه أمام الباحثين والمفكرين لكي يعيدوا التفكير في مفهوم أدب الرحلة ويوسع عمل المركز بناء على ذلك.

 فيما يخص أدب الرحلة بمشروع استعماري، وهو أيضا مرتبط بمفهوم الاستشراق بشكل عام، ولكن فيما يخص فلسطين والقدس بالذات، كان هناك توجه قديم، لإعادة النظر في تاريخ الأرض المقدسة كلها، وتسميتها من جديد، وبالطبع كما يقول شاعرنا الكبير محمود درويش "من يكتب التاريخ يملكه" هم حاولوا إعادة كتابة التاريخ من منظور زائف، لكي يملكوا التاريخ، وبالطبع من يملك التاريخ يملك المكان الذي صار فيه التاريخ. هذا يجعلني أخلص إلى مسألة أساسية، أنه في مقابل المنظور الاستعماري كان هناك رحالة جاءوا إلى فلسطين، ووضعوا كتبا وصورا ورسموا ولوحات، ولكن كانت كلها مسكونة بالمنظور الثقافي الحضاري الصحيح لفلسطين، وللقدس بالذات، باعتبارها بوابة الأرض إلى السماء، وهي منذ البدأ وحتي المنتهي ستبقى كذلك.. وهذا يجعلني أتقدم باقتراح آمل من نوري الجراح والمشرفين على المركز أن يأخذوا به، أن توضع القدس في العام القادم في صلب اهتمام مركز "ارتياد الآفاق"، فلا يصدر عنه كلمة أو ورقة إلا وتتعلق بالقدس، من أجل أن نسهم فعلا بعمق، في تكريس هويتها الحقيقية كمدينة إسلامية عربية فلسطينية مسيحية إنسانية، باعتبارها مدينة بلا ضفاف.

من يقرأ أدب الرحلات؟

وحول أهمية أدب الرحلات وهل ثمة من يقرأه قال الناقد مفيد نجم أن للأدب توجهات، هناك من يفضل قراءة الرواية أو الشعر أو الأدب ،، ليس لدينا قارئ محدد، لدينا قراء متعددون، وبالتالي أدب الرحلة كأدب على غرار الآداب الأخرى، يمكن أن يكون لديه قراء مهمون، والدليل على ذلك هو حجم المبيعات وحجم الاهتمام به، وهذا مؤشر إيجابي، حول هذا المشروع، وحول جدواه من الناحية الأدبية والمعرفية، لأن الأدب المعرفي ليس أدب فقط، هو يقدم معرفة عن زمن ما في مكان ما في رحلة ما وفي ضوء رؤية محددة لصاحب الرحلة، وبالتالي فإن أدب الرحلة هو جنس أدبي عابر للأجناس الأدبية.. يعني ليس لدينا جنس محدد يمكن أن نستند إليه، هو جامع  لعدة أجناس أدبية وبالتالي هذا التنوع الذي يتميز به أدب الرحلة هو أهم ما يميز هذا الأدب،  ومن ناحية أخري هناك شيء مهم لم يتحدث عنه الزملاء وهو الرحلة المعاصرة، وكيف نرى العالم والعمران والمكان والزمان برؤية جديدة في ضوء الانفجار المعرفي والحساسية الجديدة؟. في ضوء رؤيتنا المختلفة مع العالم وعلاقتنا معه ومع الزمن في ضوء المنجز المعرفي الكامل، الذي أصبح في متناول الجميع، وبالتالي فأن مشروع أدب الرحلة، هو محرض أساسي على متابعة هذا الابداع في هذا المجال، والرحلة المعاصرة تشكل إسهاما إضافيا يغني ويثرى أدب الرحلة ويجعله في متناول القارئ المعاصر، لأن القاريء المعاصر لا يهمه كثيرا ماذا حدث في بلد ما قبل مائة أو مائة وخمسين عاما، إلا الباحث المتخصص أو الذي يتناوله لغايات بحثية أو دراسية، بينما القاريء المعاصر يحاول أن يتعرف إلى المكان والزمان والعالم والعمران، العالم بصورته الكلية الشمولية في ضوء رؤية الرحالة المعاصر، ولذلك أن هذه الرحلة، هي إضافة ودعوة مهمة على مثابرة وتطوير هذا الجنس من الأدب وجعله قريباً من القاريء العربي.

وحول وضعية أدب الرحلات في الأكاديمة العربية والجامعات والأقسام المتخصصة وهل دهل  كجزء من الدراسات العربية ومراكز التعليم في العالم العربي، قالت الباحثة د.رشا الخطيب أن أدب الرحلات ربما له مكانة كبيرة نوعا ما في الجامعات والأكاديميات المغربية، لكن ليس لدي إطلاع شامل على جميع الجامعات في العالم العربي، وهنا سأتحدث في نطاق ضيق، مثل الأردن، التي هي بلدي التي أعمل فيها، للأسف مازال هذا النوع من الدراسات يدرس على نطاق ضيق جدا، قد يمر بالطلبة في دراستهم الدنيا أو العليا مرور الكرام ببعض النصوص الرحلية، والتي قد أسميها نصوصا من النصوص الأمهات في الوطن العربي كرحلة ابن بطوطة وابن جبير والرحلات المشهورة، لكن ربما مع هذه الجائزة، وهذا الانتشار على مدي سنواتها الطويلة والحضور الاعلامي في المشهد الثقافي المعاصر، أن يزيد الاهتمام. قبل شهرين أثناء تدريسي في قسم الدراسات العليا في الجامعة الأردنية، لم يكن هذا الموضوع مطروحا نهائيا، لا في الدراسات الأندلسية وهو مجال اهتمامي ولا في أي مادة من مواد الأدب العربي، ولكن سعدت كثيرا عندما تلقيت مكالمة هاتفية من أستاذي د.صلاح جرار، لاستضافتي لكي أحاضر لطلبة الدراسات العليا، وأحدثهم عن كتابي أحمد أبو القاسم الحجري فعندما سألت ما هي المادة التي يأخذون فيها مثل هذه الرحلة؟ قال لي هي أدب الرحلة، وهذا شيء يعطي الأمل، إذن أفردت مادة في سلك الماجستير لأدب الرحلة، في هذه المادة يتعامل الطلاب مع نصوص رحلية متباينة العصور ومتباينة الأساليب، قديمة أو معاصرة، مع التركيز على الرحلات التراثية أكثر، أتمني الزيادة بالذات في الأكاديمية المشرقية وتنامي عدد الرحلات والدراسات في ذلك النوع أو المجال من الأدب من قبل الباحثين.